صلاح المختار
ان اخطر ما يواجهنا الان هو استيقاظ الخلد الذي اعدته امريكا للحظات الحسم، وليس خطر القوات الامريكية المحتلة، لانها تعتمد الان بشكل مباشر وجوهري على المناجذ (جمع خلد) في محاولاتها المتكررة لدحر المقاومة الوطنية العراقية او على الاقل شقها. فمنذ مطلع عام 2006 بشكل خاص نواجه مسلسل تفجيرات، مخابراتية بالاساس، تستهدف وحدة المقاومة الوطنية العراقية ووحدة الشعب العراقي، لان شق المقاومة العراقية واشعال حرب طائفية هما الوسيلتان الوحيدتان لتحويل هزيمة امريكا الحتمية في العراق الى نصر. ما الذي نقصده بكلمة الخلد؟ وكيف يتكتك الخلد ويستحوذ على ألباب (جمع لب) من لم يقرءوا النص السري لوجود الحجاب السحري؟ كيف نكتشف الخلد مع انه يتخفى بدقة واتقان محترفين ويزايد على افضل المناضلين والمجاهدين؟
لنبدأ بتعريف الخلد. ان الخلد هو حيوان قارض يشبه الجرذ ويقضي اغلب وقته نائما تحت الارض، ويستخدم تعبير الخلد في المصطلحات الاستخبارية لوصف الجاسوس النائم، أي المندس في صفوف العدو، ويقوم بدور متقن في الدفاع عن موقف العدو لاجل كسب الثقة التامة ليقوم، اولا، بتصفية العناصر الوطنية السليمة بطرق عديدة، او اضعافها وعزلها عن مركز القرار، متسترا بأشد الممارسات المعبرة عن الاخلاص، متجنبا الاتصال الدوري بمن يستخدمه لمنع كشفه، من اجل ان يتم استخدامه في وقت الحسم لقلب الطاولة على رؤوس من اخترق صفوفهم وتحويل نصرهم الى هزيمة، او على الاقل منعهم من تحقيق الاهداف الاساسية، واشغالهم امور ثانوية بدل الانصراف للقضايا المركزية. ان استيقاظ الخلد، بهذا المعنى، هو بدء عمليه تخريبه الاساسية الممهدة للحسم، ولهذا تحتفظ اجهزة المخابرات بالخلد للاعمال الكبيرة، وتمنعه من تقديم المعلومات او الخدمات الدورية التي يقوم بها الجاسوس العادي، والتي لا تغير مجرى الصراع، للمحافظة عليه وعلى عمله في صفوف العدو انتظارا للاوقات الحاسمة، حيث يطل براسه ليقوم بتدمير قدرة من اندس في صفوفهم على الثبات او البقاء موحدين ومحصنين ضد اختراقات وهجمات عدوهم.
لعنة عدم كشف النص السري المخبوء في الحجاب السحري
منذ وقع الغزو، وجاء جواسيس امريكا القدماء معها الى العراق بحماية بساطيل جنودها واخذوا يتراقصون فرحين على مسرح الاحداث، رغم ان مؤخراتهم ثقيلة، كنا نعرف، بحكم التجربة الطويلة، ان امريكا تخفي جواسيسها الأغلى والاهم والاخطر لمراحل الحسم النهائي، وان الجواسيس المكشوفين، مثل الجلبي وعلاوي والحكيم والجعفري والمالكي وغيرهم، ما هم الا رجال المرحلة الاولى من الغزو، وان امريكا سترميهم في سلة الزبالة بعد ان يحتدم الصراع وتظهرالحاجة الامريكية الحيوية لوجوه لم تحترق، والاهم لوجوه تبدو نظيفة وطبعت عليها شعارات وطنية ومقاومة، وتم إعدادها وتأهيلها بذكاء منذ الغزو، او ماقبله، لتكون في الصف الوطني والمقاوم، وتستخدم في لحظات الحسم لقلب التوازنات الميدانية لصالح الاحتلال، من خلال زرع الفتن بين المقاتلين والمجاهدين، واشعال (حروب الاشقاء) بدل مواصلة الحرب مع الاعداء.
ان هذه البديهية اذا لم تكتشف وتعرف، ويتم توقعها، فان من يفعل ذلك سيعرض نفسه للنحر في ليلة فرحته بتقدمه نحو النصر! إذ سيظهر له جني مموه القسمات يزايد حتى على شهيد المقاومة، ويلون وجهه بدم الشهيد، لكنه يخفي سكينه خلف ظهره، ليشهرها في لحظة فرحنا، وزهونا بفرادة المقاومة العراقية وحتمية انتصارها، ومتانة وحدتها ونظافتها من المناجذ (الجواسيس)، ويطعننا بها في منطقة القلب فنهوي من قمة النصر شهداء، ولكن بعد فقدان النصر بدل ان تتوج تضحياتنا به ونصبح مهزومين، او مدفونين في قبور مجهولة التسمية! كل الثورات وكل حركات التحرر الوطني وكل النظم الوطنية تعرف ان اخطر ما يواجهها هو الخلد النائم في فراشنا والجالس لصق قلوبنا، ونحن نظنه صديق مخلص، او ابن بار او اخ نبيل او مشروع استشهاد او رفيق مبادئ، وبهذه الصفات يتقدم الصفوف وتملأ سيرته (العطرة) الرفوف، لا ينازعه فيها آخر او أخير، ولا يشوش على بسمته صخب رصاص او شخير!
حينما نسأل انفسنا بيقظة وعي مطلوب : هل ان جواسيس امريكا هم علاوي والجلبي واضرابهما ممن عرفوا فقط؟ ام ان هناك احتياطي ستراتيجي مخفي، كان يسميه سيد الشهداء القائد صدام حسين (الاحتياطي المضموم)، تحتفظ به امريكا ليوم شدتها لابعاد حتمية هزيمتها؟ سيكون الوطني الأغبى في التاريخ من يظن ان جواسيس امريكا هم فقط من جاءت بهم مختبئين في احذية جنودها، وليس فوق ظهور دباباتها، كما يقول السيد فيصل القاسم مقدم برنامج اسمه الحقيقي هو (صراع الديوك المسعورة) في قناة الجزيرة! وانه لا يوجد غيرهم أهم واخطر منهم نائمين في موسم سبات المناجذ (جمع خلد)، كما تسبّت الدببة شتاء ليمر البرد. كل من يريدون التغيير الجذري يخططون لخداع العدو، او لـتأمين ضمانة النصر ومواجهة احتمالات الهزيمة نتيجة تفوق العدو باحتياطيات فعالة وحاسمة غير معروفة، ومن لا يفعل ذلك كمن يسير في غابة مملوءة بوحوش ضارية ولا يفكر بحمل فأس او سكين او بندقية.
نحن في البعث، وحينما تأكد للقيادة، وتحديدا للقائد الشهيد صدام حسين، ان الغزو قادم لا محالة خطط لاحتمال كهذا واعد الخطط البديلة، ومنها الخدع الستراتيجية وفروعها الخدع التكتيكية، مثل اعداد مناجذ كثيرة لتعمل في كل التنظيمات غير البعثية المقاومة للاحتلال، وفي صفوف العدو المحتل ومن سيتعاون معه، التي وضعت لضمان انتصار البعث وحلفاءه، في نهاية الصراع الكبير، مهما ساءت ظروف الحزب ومقاتليه بعد الغزو.
ولم يعد سرا ان القائد الشهيد صدام حسين قد اقام، قبل الغزو بعامين على الاقل، تنظيما سريا جدا، موازيا لتنظيمات الحزب والمخابرات والجيش والاعلام والتصنيع العسكري وغيرها، وانتقى عناصره بنفسه وبسرية تامة، وضم اليه كوادر كفوءة جدا في مجالها، ارتبطت به شخصيا دون علم اغلب اقرب الناس اليه حزبيا ورسميا. والان وبعد خمس سنوات على الغزو نشعر بفخر عظيم ان حزبنا قد خطط لما هو اسوأ، واننا سوف ندحر عدونا مهما بدت الظروف مجافية لنا ومؤاتية لاعدائنا، فما ظهر من اعداد البعث لما هو اسوأ قليل جدا، وماهو مخفي للحظات الحسم وانقلاب التوازنات مازال مخفيا وكبيرا وعظيما ومزلزلا في اثاره. اذا كنا نحن، الاضعف تكنولوجيا والاقل خبرة في مجال المخابرات من امريكا، قد اعددنا لمواجهة كل احتمال سلبي بخطة مضادة، ونحن الان جاهزون لقطف ثمار جهادنا، فهل من الحكمة والذكاء افتراض ان امريكا لم تعد العدة ليومها الاسود، يوم الهزيمة المنكرة؟
عدل سابقا من قبل Admin في الأربعاء أبريل 29, 2009 5:08 am عدل 1 مرات
الإثنين أبريل 29, 2019 3:35 am من طرف عربي
» اخر نص ساعة
الإثنين أبريل 29, 2019 3:34 am من طرف عربي
» اختلاف
الإثنين أبريل 29, 2019 3:32 am من طرف عربي
» الاحتلال
الثلاثاء أكتوبر 10, 2017 2:21 am من طرف عربي
» رجال كبار
السبت أغسطس 12, 2017 7:58 pm من طرف عربي
» صراع الحكم في الغابة
السبت يونيو 24, 2017 8:08 am من طرف عربي
» طخ حكي
السبت مايو 20, 2017 4:45 am من طرف عربي
» جوهرة انتِ
الجمعة مارس 17, 2017 5:41 am من طرف عربي
» نخوة العرب
الأحد مايو 15, 2016 8:11 pm من طرف عربي
» اداب الحديث
الأحد مايو 15, 2016 8:10 pm من طرف عربي