جريدة الرأي
اعالـــــم
جحــــا
كريمان الكيالي
ارتبطت الحماقات والنوادر منذ زمن بعيد بشخصية ''جحا '' واصبح الاكثر شهرة بين من اتصفوا بالغباء او من تميزوا بافتعال المواقف الطريفة التي تجعل الناس تقهقه حتى في مجالس السلاطين والحكام.
جحا ضحكة من زمن اخر ، تعبق بالماضي البعيد والتراث الفكاهي العربي ، وان حمل اسلوبه رفضا جريئا للواقع ، لكن من خلال سذاجة وبساطة لاتخلو من حماقة ، جعلته في مأمن من عواقب ما يقول ويفعل ، وبرغم تردد اسماء كثيرين اشتهروا بحماقاتهم مثل ''عجل بن لجيم'' و''حمزة بن بيض'' و''هبنقة بن ثوران '' و''ابي غيشان الخزاعي '' وغيرهم ، الا ان ''جحا'' بقي الشتخصية الاكثر شعبية لدى الناس حتى هذه الايام.
وفيما تتباين آراء كثير من المؤرخين عن كون ''جحا'' شخصية من وحي الخيال والاساطير، فإن بعض العلامة العرب المشهورين مثل ''الجوزي '' و''الجاحظ'' وغيرهم يؤكدون انه رجل حقيقي عاش في الكوفه ، اشتهر بنوادره وحماره ومسماره الذي تركه في الدار التي باعها وساهم في تحويل حياة الساكن الجديد الى نكد ، الامر الذي جعل ''المسمار'' المصطلح الدارج لدى كثير من السياسيين ، عند التحدث عن عراقيل وعقبات تعوق مصالح الامم والشعوب .
ثمة دوافع سياسية وثقافية دفعت بعض الاشخاص للتحامق ، في مقدمتها التكسب والعيش اوالتخلص من مأزق او الهروب من الواقع الاليم الى دنيا الخيال الجميل بحسب بعض المؤرخين ، فقد عرف اضافة الى جحا نماذج اخرى من حمقى و فضوليين و شحاذون ومغفلون وغيرهم ، شغلت نوادرهم اقلام الادباء والنقاد ، بل واصبحت جزءا هاما من تراث الادب الشعبي العربي ،وان ظل السبق ل''جحا '' الذي تناقلت الاجيال نوادره وبعضها تجسد عبر كثير من الاعمال الدرامية العربية في المسرح والسينما والتلفزيون ، كما يعتبر كتاب''جحا ..الضاحك المضحك '' للعلامة عباس محمود العقاد من الكتب الادبية النادرة التي تناولت ظاهرة جحا والفكاهة العربية ، اضافة الى وجود كم هائل من الدراسات التي تناولت قصصه الطريفه التي تثير الضحك في كل زمان ومكان بدليل توق كثير من المجتمعات غير العربية الى وجود شخصية شبيهة في تراثها، حيث عرف اكثر من جحا ، فهناك ''نصر الدين خوجه '' التركي و '' وملة نصر الدين '' الايراني و''غابروفو'' البلغاري و''ارتين '' الارميني صاحب اللسان السليط و''ارو'' اليوغسلافي والذي اشتهر بالمغفل وربما غيرهم.
وعبرمحاولة لترسيخ ''جحا'' في ذهن الاطفال ، استهوت الفنان التشكيلي الشيشاني ''نعيم ويزش '' فكرة جمع نوادر جحا ورسمها واعدادها في سيناريوهات ، ومنها ما ينشر حاليا في مجلة ''حاتم '' للاطفال ، ويقول '' ويزش'' بأن اختياره لشخصية جحا بالذات ، لأن نوادره كانت الاقرب الى نفسه وهو طفل ، كان يسمعها كل يوم من جدته ، وكانت تضحكه كثيرا ،فاراد ان يقدمها بطريقة مختلفة بعيدا عن السرد الممل ، ففي السيناريو يشاهد الطفل صور جحا واصدقائه وزوجته وحتى الحمار الشهير، بما يدفع لاثاره خيال الصغار حول هذه الشخصية والزمن الذي عاش به ، بخاصة وان الوان الرسوم زاهية تتناسب مع اجواء الطرائف والمرح، اضافة الى ذلك فهناك مشروع اخر يتناول ''جحا'' شيشاني عرف باسم ''مل نيسر'' بدأ يعد له ''ويزش ''وفق ما يقول ليستمتع الاطفال بنوادر بنكهة مختلفة وان التقى كل ''جحا '' في ذات الحكايات التي تدفع للضحك..
طفل اليوم يحتاج الى ما يعيده لتراثه الاصيل ، وان كان من خلال ''جحا '' كما يقول شاعر الاطفال ''يوسف حمدان '' اذ ان الحرص على تعريف الاطفال بنوادر جحا وبخاصة من خلال مطبوعات يقرأونها كمجلات الاطفال مثلا ، تحفزهم على التخيل ، وبل وتجعلهم يتمنون لو يروا هذه النوادرعلى الشاشة اومن خلال سيديات يستطيعوا ان يستمتعوا بها وقتما يريدون ، صحيح ان جيلنا عاش فراغا مختلفا وكان لايجد سوى حكايات جحا ، وربما بعض القصص البوليسية ليتسلى بها ، بخلاف هذا الجيل الذي يتاح له الكثير ،غير ان تعريف الاطفال بهذه النوادر يربطهم بالجذور ، ويثير فضولهم لمعرفة المزيد عن هذه الشخصية ، خاصة وان الجميع كبارا وصغارا يحبون الضحك ،فكم ضحكنا سابقا على حكايات حذاءالطنبوري ، وحمار جحارومسماره و..
وبرغم غرابة شخصية جحا ، غير ان نسبة كبيرة من الاطفال يحبون ان يقرأوا قصصه وحكاياته المضحكة فهي ممتعة ومسلية وتعتقد ''ساره12عاما '' بأنه انسان فضولي يتجاوز حدوده في التعامل مع الناس من خلال تظاهره بالغباء الشديد، في حين يرى ''عمرو13عاما '' بان ''جحا '' ليس غبيا فمعظم المواقف التي يضحكنا فيها لاتخلو من ذكاء يبحث فيه عن مصلحته ، وان تظاهر بغير ذلك .
اعالـــــم
جحــــا
كريمان الكيالي
ارتبطت الحماقات والنوادر منذ زمن بعيد بشخصية ''جحا '' واصبح الاكثر شهرة بين من اتصفوا بالغباء او من تميزوا بافتعال المواقف الطريفة التي تجعل الناس تقهقه حتى في مجالس السلاطين والحكام.
جحا ضحكة من زمن اخر ، تعبق بالماضي البعيد والتراث الفكاهي العربي ، وان حمل اسلوبه رفضا جريئا للواقع ، لكن من خلال سذاجة وبساطة لاتخلو من حماقة ، جعلته في مأمن من عواقب ما يقول ويفعل ، وبرغم تردد اسماء كثيرين اشتهروا بحماقاتهم مثل ''عجل بن لجيم'' و''حمزة بن بيض'' و''هبنقة بن ثوران '' و''ابي غيشان الخزاعي '' وغيرهم ، الا ان ''جحا'' بقي الشتخصية الاكثر شعبية لدى الناس حتى هذه الايام.
وفيما تتباين آراء كثير من المؤرخين عن كون ''جحا'' شخصية من وحي الخيال والاساطير، فإن بعض العلامة العرب المشهورين مثل ''الجوزي '' و''الجاحظ'' وغيرهم يؤكدون انه رجل حقيقي عاش في الكوفه ، اشتهر بنوادره وحماره ومسماره الذي تركه في الدار التي باعها وساهم في تحويل حياة الساكن الجديد الى نكد ، الامر الذي جعل ''المسمار'' المصطلح الدارج لدى كثير من السياسيين ، عند التحدث عن عراقيل وعقبات تعوق مصالح الامم والشعوب .
ثمة دوافع سياسية وثقافية دفعت بعض الاشخاص للتحامق ، في مقدمتها التكسب والعيش اوالتخلص من مأزق او الهروب من الواقع الاليم الى دنيا الخيال الجميل بحسب بعض المؤرخين ، فقد عرف اضافة الى جحا نماذج اخرى من حمقى و فضوليين و شحاذون ومغفلون وغيرهم ، شغلت نوادرهم اقلام الادباء والنقاد ، بل واصبحت جزءا هاما من تراث الادب الشعبي العربي ،وان ظل السبق ل''جحا '' الذي تناقلت الاجيال نوادره وبعضها تجسد عبر كثير من الاعمال الدرامية العربية في المسرح والسينما والتلفزيون ، كما يعتبر كتاب''جحا ..الضاحك المضحك '' للعلامة عباس محمود العقاد من الكتب الادبية النادرة التي تناولت ظاهرة جحا والفكاهة العربية ، اضافة الى وجود كم هائل من الدراسات التي تناولت قصصه الطريفه التي تثير الضحك في كل زمان ومكان بدليل توق كثير من المجتمعات غير العربية الى وجود شخصية شبيهة في تراثها، حيث عرف اكثر من جحا ، فهناك ''نصر الدين خوجه '' التركي و '' وملة نصر الدين '' الايراني و''غابروفو'' البلغاري و''ارتين '' الارميني صاحب اللسان السليط و''ارو'' اليوغسلافي والذي اشتهر بالمغفل وربما غيرهم.
وعبرمحاولة لترسيخ ''جحا'' في ذهن الاطفال ، استهوت الفنان التشكيلي الشيشاني ''نعيم ويزش '' فكرة جمع نوادر جحا ورسمها واعدادها في سيناريوهات ، ومنها ما ينشر حاليا في مجلة ''حاتم '' للاطفال ، ويقول '' ويزش'' بأن اختياره لشخصية جحا بالذات ، لأن نوادره كانت الاقرب الى نفسه وهو طفل ، كان يسمعها كل يوم من جدته ، وكانت تضحكه كثيرا ،فاراد ان يقدمها بطريقة مختلفة بعيدا عن السرد الممل ، ففي السيناريو يشاهد الطفل صور جحا واصدقائه وزوجته وحتى الحمار الشهير، بما يدفع لاثاره خيال الصغار حول هذه الشخصية والزمن الذي عاش به ، بخاصة وان الوان الرسوم زاهية تتناسب مع اجواء الطرائف والمرح، اضافة الى ذلك فهناك مشروع اخر يتناول ''جحا'' شيشاني عرف باسم ''مل نيسر'' بدأ يعد له ''ويزش ''وفق ما يقول ليستمتع الاطفال بنوادر بنكهة مختلفة وان التقى كل ''جحا '' في ذات الحكايات التي تدفع للضحك..
طفل اليوم يحتاج الى ما يعيده لتراثه الاصيل ، وان كان من خلال ''جحا '' كما يقول شاعر الاطفال ''يوسف حمدان '' اذ ان الحرص على تعريف الاطفال بنوادر جحا وبخاصة من خلال مطبوعات يقرأونها كمجلات الاطفال مثلا ، تحفزهم على التخيل ، وبل وتجعلهم يتمنون لو يروا هذه النوادرعلى الشاشة اومن خلال سيديات يستطيعوا ان يستمتعوا بها وقتما يريدون ، صحيح ان جيلنا عاش فراغا مختلفا وكان لايجد سوى حكايات جحا ، وربما بعض القصص البوليسية ليتسلى بها ، بخلاف هذا الجيل الذي يتاح له الكثير ،غير ان تعريف الاطفال بهذه النوادر يربطهم بالجذور ، ويثير فضولهم لمعرفة المزيد عن هذه الشخصية ، خاصة وان الجميع كبارا وصغارا يحبون الضحك ،فكم ضحكنا سابقا على حكايات حذاءالطنبوري ، وحمار جحارومسماره و..
وبرغم غرابة شخصية جحا ، غير ان نسبة كبيرة من الاطفال يحبون ان يقرأوا قصصه وحكاياته المضحكة فهي ممتعة ومسلية وتعتقد ''ساره12عاما '' بأنه انسان فضولي يتجاوز حدوده في التعامل مع الناس من خلال تظاهره بالغباء الشديد، في حين يرى ''عمرو13عاما '' بان ''جحا '' ليس غبيا فمعظم المواقف التي يضحكنا فيها لاتخلو من ذكاء يبحث فيه عن مصلحته ، وان تظاهر بغير ذلك .
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:24 pm من طرف الادارة
» رابط المدونة على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:20 pm من طرف الادارة
» مدونة عربي على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:19 pm من طرف الادارة
» تأملات
الإثنين أبريل 29, 2019 3:35 am من طرف عربي
» اخر نص ساعة
الإثنين أبريل 29, 2019 3:34 am من طرف عربي
» اختلاف
الإثنين أبريل 29, 2019 3:32 am من طرف عربي
» الاحتلال
الثلاثاء أكتوبر 10, 2017 2:21 am من طرف عربي
» رجال كبار
السبت أغسطس 12, 2017 7:58 pm من طرف عربي
» صراع الحكم في الغابة
السبت يونيو 24, 2017 8:08 am من طرف عربي
» طخ حكي
السبت مايو 20, 2017 4:45 am من طرف عربي