ذكريات عام مضى و أمنيات آخر قادم!
18/12/2009
مها النونو - الجزيرة توك - ميتشجن
وَقَفت أمامي لتحدثني بقلق عما يجب ان تقوله لطفلها عندما يصّر على قضاء ليلة عيد الميلاد ساهراً بجانب المدفئة.. منتظراً ان يبزغ منها شبح "بابا نويل" محملاً بالهدايا الذي دوّنها له على بطاقة قبل يومين! بابا نويل لن يظهر بكل تأكيد، لأن من سيجلب الهدية هي الأم ذاتها كما جرت العادة كل عام. و لكنها هذا العام فقط شعرت بالمأزق الذي وضعت نفسها به..فطفلها بات اكثر نضجاً و استيعاباً و اصراراً على رؤية بابا نويل للومِه على رداءة بعض هدايا العام الماضي و شكره على اُخرى..و لو اكتشفَ ان بابا نويل مجرد خدعة، وأن من يجلب الهدايا الحقيقة هي امه، سيُقطَع اول وتر كان مسؤولاً عن عزف لحن الثقة لسنوات عديدة..لم استطع نصحها بشيء لأنني انشغلت بموضوع مختلف كلياً..اعجبتني فكرة ارسال بطاقة لبابا نويل و كتابة ما اريد بها و ارسالها له.. لهذا توجهت لأقرب متجر و ابتعت بطاقة جميلة تحمل رسومات توحي باجواء عيد الميلاد..و فور وصولي للمنزل..بدأت اخط من جديد..رسالة جديدة لك..لك سيدي الرئيس..تحية طيبة وبعد سيدي الرئيس باراك حسين اوباما !
بينما كنت اتجول في المواقع لقراءة آخر اخبارك الرئاسية، صادف نظري مقال يتحدث عن كونك أكدت أنك تُقدِم اجمل مما يُقَدَم لك بكثير، عندما يتعلق الموضوع بالهدايا. وتم انتقادك بسبب جودة الهدايا التى تُقدمها لكبار الشخصيات مثلاً كالهدية التى قدمتها لملكة انجلترا والتى كانت عبارة عن جهاز iPod -كما ذُكِر بالمقال-! وغيرها الكثير ..فيبدو انك اخترت بأن تكون بابا نويل مُحقِق الامنيات لهذا العام لتجلب لغيرك الأفضل دائماً وعليهم هم ان يقيموا جودة الهدية.
تسلمتَ جائزة نوبل على استحياء..كانت تلك بمثابة جائزة تشجيعية على المبادرة بالسلام ..لذا اتمنى ان تجلب للجميع ما هو افضل كما وعدت..فعام 2009 كان مُثقلاً بخيبات كثيرة..واجهتها بخطابات لم تكن سوى دواء مخدر ومسكن مؤقت للألم ..وبمجرد زوال مفعوله يعود كل شيء لسابق عهده كالأزمة الاقتصادية التى شَلت العصب الرئيسي للحياة بأميركا و جعلت نسبة البطالة في اعلى معدلتها هذا العام.. الغريب أنك في نهاية هذا العام وقبل اسبوع فقط قمت بِحث الشعب الامريكي على الصبر الذي لا يملكون غيره الآن.. ووعدت بهدية قاسية لعام 2010 و هي ان معدلات البطالة ستزداد بالرغم من الجهد الخرافي المبذول للنهوض من هذه الازمة.
حاولت ان تنقذ ما يمكن انقاذه هذا العام .. كالقرار الذي اصدرته و الذي ينص على خصم مبلغ قيمته 4500$ عند شراء سيارة جديدة بشرط تسليم السيارة القديمة مجاناً لإنهاض سوق السيارات الذى تتميز به ولاية "ميتشجن" و التى انهارت تماماً بسببه..انتعش السوق قليلاً.. ولكن من المستفيد من هذه الصفقة؟ الهدف الظاهر من هذه الصفقة كان تحسين الاقتصاد ولكن بواطن الهدف كانت تميل لاستخدام جيل جديد من السيارات التى تستخدم انواعاً مُطوَرة من الوقود و التخلص من السيارات القديمة. اما المستفيدون فهم الفئة التى لم تتأثر بالأزمة الاقتصادية.. لأنهم هم وحدهم من استطاعوا شراء سيارات جديدة..اما الذي فقد وظيفته فكل ما يمكله مهدد بالزوال..ولا توجد ضمانات للخوض في مغامرة كشراء سيارة يوازي سعرها اضعاف الـ 4500 دولار التى قُدمت كهدية من الدولة!
مجدداً مددت يد العون لكل من حاول شراء منزل جديد. فمنحت مبلغاً مالياً قد يصل الى 8000$ الى كل شخص يقوم بشراء منزل جديد لأول مرة. اما من يتملك منزلاً على ارض اميركا منذ 5 سنوات او اكثر و اراد شراء منزل جديد هذا العام، فسيُمنَح مبلغاً قد تصل قيمته الى 6000$. و في هذه الحالة لن يُخصَم المبلغ من قيمة المنزل وانما سيتم دفعة بقيمته النقدية من يد الدولة الى يد المواطن. ولكن مرة اخرى من هو المستفيد؟ بكل تأكيد المستفيد لن يكون المتضرر من الازمة الاقتصادية..لانه في افضل حالاته لن يكون لديه دخل كافٍ لشراء منزله هذا اذا وقف الحظ بصفه ..اما اذا كشر له الحظ عن انيابه فربما يُنتَشل منه بيته ويتم بيعه بالمزاد العلني بسعر بخس جداً. وهذا ما حصل فعلا مع اغلبية الشعب الامريكي وعلى رأسهم حاكم ولاية كاليفورنيا الممثل الشهير ارنولد شوازينجر! فقد تم اخذ منزله منه بسبب عدم سداد ديونه!
اما عن خارج اميركا فبحيرة الدم مازالت تتسع حتى تكاد تصبح محيطاً يبتلع الأحياء قبل الاموات. فما مات منهم قد مات والباقي يعيش حتى يشيع موتاه الى مثواهم الاخير. هناك وعود كثيرة لوقف هذا البؤس و هناك مواقف منتظرة من رجل حمل على عاتقه السلام منذ اول يوم تولى به الحكم و قرر السيطرة على زمام الامور. فكل هذه كانت صفقات اخذت دور الشهيق القوى لتملأ رئتي العالم بجو نظيف و لكن للأسف يبدو ان التلوث اطاح بذرات الهواء النقية فلم تتم عملية الشهيق بنجاح بل تلتها شهقات مختنقة متوالية.
سيدي الرئيس..اعلم انك لست القديس نيكولاس الذي تم استيحاء فكرة بابا نويل او سانتا كلوز من سيرة حياته.. بحيث انه كان يقوم برمي الهدايا للأطفال و النقود للمحتاجين من نوافذ بيوتهم بطريقة خفية قبل ان يُفتَضح سره ويعلم الجميع الخير الذي كان يفعله بالخفاء.. واعلم انك لست بابا نويل الاسطوري الذي يحلق في عربته التى تجرها غزلان الرنة في سماء عالم الاطفال..وانك بشري بحت ولكنك وعدت انك تقدم دائماَ افضل مما يُقَدَم لك عندما يتعلق الموضوع بالهدايا.. فهل ما سيحمله القدر في فترة ولايتك هو شيء جيد؟ أم ان الموضوع فعلاً خارج عن سيطرتك؟ ..
في النهاية يبدو ان رسالتي هذه سيكون مصيرها كمصير جميع الرسائل التى تُرسل لبابا نويلز في انحاء المعمورة لتلبية مطالبهم.. ويبدو انها لن تغادر مكتبي.. ولكن بجميع الاحوال.. عيد سعيد .. وعام جديد افضل من سابقه اتمناه للجميع و لك سيدي.
18/12/2009
مها النونو - الجزيرة توك - ميتشجن
وَقَفت أمامي لتحدثني بقلق عما يجب ان تقوله لطفلها عندما يصّر على قضاء ليلة عيد الميلاد ساهراً بجانب المدفئة.. منتظراً ان يبزغ منها شبح "بابا نويل" محملاً بالهدايا الذي دوّنها له على بطاقة قبل يومين! بابا نويل لن يظهر بكل تأكيد، لأن من سيجلب الهدية هي الأم ذاتها كما جرت العادة كل عام. و لكنها هذا العام فقط شعرت بالمأزق الذي وضعت نفسها به..فطفلها بات اكثر نضجاً و استيعاباً و اصراراً على رؤية بابا نويل للومِه على رداءة بعض هدايا العام الماضي و شكره على اُخرى..و لو اكتشفَ ان بابا نويل مجرد خدعة، وأن من يجلب الهدايا الحقيقة هي امه، سيُقطَع اول وتر كان مسؤولاً عن عزف لحن الثقة لسنوات عديدة..لم استطع نصحها بشيء لأنني انشغلت بموضوع مختلف كلياً..اعجبتني فكرة ارسال بطاقة لبابا نويل و كتابة ما اريد بها و ارسالها له.. لهذا توجهت لأقرب متجر و ابتعت بطاقة جميلة تحمل رسومات توحي باجواء عيد الميلاد..و فور وصولي للمنزل..بدأت اخط من جديد..رسالة جديدة لك..لك سيدي الرئيس..تحية طيبة وبعد سيدي الرئيس باراك حسين اوباما !
بينما كنت اتجول في المواقع لقراءة آخر اخبارك الرئاسية، صادف نظري مقال يتحدث عن كونك أكدت أنك تُقدِم اجمل مما يُقَدَم لك بكثير، عندما يتعلق الموضوع بالهدايا. وتم انتقادك بسبب جودة الهدايا التى تُقدمها لكبار الشخصيات مثلاً كالهدية التى قدمتها لملكة انجلترا والتى كانت عبارة عن جهاز iPod -كما ذُكِر بالمقال-! وغيرها الكثير ..فيبدو انك اخترت بأن تكون بابا نويل مُحقِق الامنيات لهذا العام لتجلب لغيرك الأفضل دائماً وعليهم هم ان يقيموا جودة الهدية.
تسلمتَ جائزة نوبل على استحياء..كانت تلك بمثابة جائزة تشجيعية على المبادرة بالسلام ..لذا اتمنى ان تجلب للجميع ما هو افضل كما وعدت..فعام 2009 كان مُثقلاً بخيبات كثيرة..واجهتها بخطابات لم تكن سوى دواء مخدر ومسكن مؤقت للألم ..وبمجرد زوال مفعوله يعود كل شيء لسابق عهده كالأزمة الاقتصادية التى شَلت العصب الرئيسي للحياة بأميركا و جعلت نسبة البطالة في اعلى معدلتها هذا العام.. الغريب أنك في نهاية هذا العام وقبل اسبوع فقط قمت بِحث الشعب الامريكي على الصبر الذي لا يملكون غيره الآن.. ووعدت بهدية قاسية لعام 2010 و هي ان معدلات البطالة ستزداد بالرغم من الجهد الخرافي المبذول للنهوض من هذه الازمة.
حاولت ان تنقذ ما يمكن انقاذه هذا العام .. كالقرار الذي اصدرته و الذي ينص على خصم مبلغ قيمته 4500$ عند شراء سيارة جديدة بشرط تسليم السيارة القديمة مجاناً لإنهاض سوق السيارات الذى تتميز به ولاية "ميتشجن" و التى انهارت تماماً بسببه..انتعش السوق قليلاً.. ولكن من المستفيد من هذه الصفقة؟ الهدف الظاهر من هذه الصفقة كان تحسين الاقتصاد ولكن بواطن الهدف كانت تميل لاستخدام جيل جديد من السيارات التى تستخدم انواعاً مُطوَرة من الوقود و التخلص من السيارات القديمة. اما المستفيدون فهم الفئة التى لم تتأثر بالأزمة الاقتصادية.. لأنهم هم وحدهم من استطاعوا شراء سيارات جديدة..اما الذي فقد وظيفته فكل ما يمكله مهدد بالزوال..ولا توجد ضمانات للخوض في مغامرة كشراء سيارة يوازي سعرها اضعاف الـ 4500 دولار التى قُدمت كهدية من الدولة!
مجدداً مددت يد العون لكل من حاول شراء منزل جديد. فمنحت مبلغاً مالياً قد يصل الى 8000$ الى كل شخص يقوم بشراء منزل جديد لأول مرة. اما من يتملك منزلاً على ارض اميركا منذ 5 سنوات او اكثر و اراد شراء منزل جديد هذا العام، فسيُمنَح مبلغاً قد تصل قيمته الى 6000$. و في هذه الحالة لن يُخصَم المبلغ من قيمة المنزل وانما سيتم دفعة بقيمته النقدية من يد الدولة الى يد المواطن. ولكن مرة اخرى من هو المستفيد؟ بكل تأكيد المستفيد لن يكون المتضرر من الازمة الاقتصادية..لانه في افضل حالاته لن يكون لديه دخل كافٍ لشراء منزله هذا اذا وقف الحظ بصفه ..اما اذا كشر له الحظ عن انيابه فربما يُنتَشل منه بيته ويتم بيعه بالمزاد العلني بسعر بخس جداً. وهذا ما حصل فعلا مع اغلبية الشعب الامريكي وعلى رأسهم حاكم ولاية كاليفورنيا الممثل الشهير ارنولد شوازينجر! فقد تم اخذ منزله منه بسبب عدم سداد ديونه!
اما عن خارج اميركا فبحيرة الدم مازالت تتسع حتى تكاد تصبح محيطاً يبتلع الأحياء قبل الاموات. فما مات منهم قد مات والباقي يعيش حتى يشيع موتاه الى مثواهم الاخير. هناك وعود كثيرة لوقف هذا البؤس و هناك مواقف منتظرة من رجل حمل على عاتقه السلام منذ اول يوم تولى به الحكم و قرر السيطرة على زمام الامور. فكل هذه كانت صفقات اخذت دور الشهيق القوى لتملأ رئتي العالم بجو نظيف و لكن للأسف يبدو ان التلوث اطاح بذرات الهواء النقية فلم تتم عملية الشهيق بنجاح بل تلتها شهقات مختنقة متوالية.
سيدي الرئيس..اعلم انك لست القديس نيكولاس الذي تم استيحاء فكرة بابا نويل او سانتا كلوز من سيرة حياته.. بحيث انه كان يقوم برمي الهدايا للأطفال و النقود للمحتاجين من نوافذ بيوتهم بطريقة خفية قبل ان يُفتَضح سره ويعلم الجميع الخير الذي كان يفعله بالخفاء.. واعلم انك لست بابا نويل الاسطوري الذي يحلق في عربته التى تجرها غزلان الرنة في سماء عالم الاطفال..وانك بشري بحت ولكنك وعدت انك تقدم دائماَ افضل مما يُقَدَم لك عندما يتعلق الموضوع بالهدايا.. فهل ما سيحمله القدر في فترة ولايتك هو شيء جيد؟ أم ان الموضوع فعلاً خارج عن سيطرتك؟ ..
في النهاية يبدو ان رسالتي هذه سيكون مصيرها كمصير جميع الرسائل التى تُرسل لبابا نويلز في انحاء المعمورة لتلبية مطالبهم.. ويبدو انها لن تغادر مكتبي.. ولكن بجميع الاحوال.. عيد سعيد .. وعام جديد افضل من سابقه اتمناه للجميع و لك سيدي.
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:24 pm من طرف الادارة
» رابط المدونة على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:20 pm من طرف الادارة
» مدونة عربي على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:19 pm من طرف الادارة
» تأملات
الإثنين أبريل 29, 2019 3:35 am من طرف عربي
» اخر نص ساعة
الإثنين أبريل 29, 2019 3:34 am من طرف عربي
» اختلاف
الإثنين أبريل 29, 2019 3:32 am من طرف عربي
» الاحتلال
الثلاثاء أكتوبر 10, 2017 2:21 am من طرف عربي
» رجال كبار
السبت أغسطس 12, 2017 7:58 pm من طرف عربي
» صراع الحكم في الغابة
السبت يونيو 24, 2017 8:08 am من طرف عربي
» طخ حكي
السبت مايو 20, 2017 4:45 am من طرف عربي