ليبيا والحقيقة

باديء ذي بديء اوجه احر التعازي الى اسر الذين قتل ابنائهم وبناتهم في الاحداث الجارية على الأرض الليبية, واسأل الله ان يتغمدهم بواسع رحمته.
الاخبار من ليبيا لا تسر, والحقيقة مطعونة في كبدها النازف, بحيث لا تقوى على الصراخ وتقول "انا هنا". مخطيء من يظن ان ما يجري في ليبيا هي مجرد ثورة شعب ضد حاكم ظالم وجائر... ما يجري في ليبيا ليس صناعة ليبية على الأطلاق, لست اقلل هنا من شأن الارادة الشعبية الليبية وقدرتها على التغيير, فليبيا تملك تاريخاً يتحدث عن نفسه ولا يحتاج مني ان ابرزه واظهره. قيل ان ما يجري منبعه الظلم الواقع على الشعب الليبي وقمع الحريات والسجن للمعارضين وقتلهم, ولكن ما رأيته على شاشة التلفاز هو قتل من قبل هؤلاء المدعوين بالثوار لما يسمونهم المرتزقة قبل حتى ان يتحققوا من هويتهم ومن دون حتى تقديمهم لمحاكمة عادلة كتلك التي كانوا ينادون بها للسجناء. كلنا يعرف بيت الشعر القائل لا تنهى عن خلق وتأتي بمثله... الفضائيات العربية لم تكن على حياد حيال ما يجري في ليبيا كانت موجهة بشكل فاضح ومخزي بحيث بانت عورتها للجميع واعمي من لم يرى بعينه زيف تلك القنوات التي تقول حقاً وتريد به باطل. لست هنا في معرض الدفاع عن القذافي انما انا هنا ادافع عن الشعب الليبي العربي المسلم ادافع عنه كي لا تزور ارادته, كي لا يتم الزج به في غياهب الضلال التي يبدو للأسف ان الكثير منهم قد انجرف بها خصوصاً في شرق البلاد. جائتني الاخبار من ليبيا تقول ما فاده ان ما يجري ليس بثورة انما هو بعيد كل البعد عن الثورة. لا استطيع ان اجزم مئة بالمئة ان هذه هي حقيقة الأمر فانا لست على اطلاع بكل ما يجري لكني في نفس الوقت استغرب من نخوة دول الخليج التي هبت للدفاع عن الحرية وعن الشعب الاعزل وهي التي مولت الحرب الامريكية البريطانية لتقتل وتعيث فساداً في العراق, فأين نخوتهم تلك من حرب العراق من احداث الفلوجة التي ابيدت عن بكرة ابيها؟! اين نخوتهم التي يدعون من مجزرة غزة؟! قد اصدق لو اني لم أرى زعمائهم يرقصون بالسيوف مع من قتل بدم بارد اخوتنا واخواتنا في العراق. قد اصدق لو انهم قطعوا امدادات النفط من اجل حفظ وصون الدم العربي من بربرية الغرب والصهيونية. لا تتورطوا يا احرار امتي في هذه الثورة المزعومة قبل ان تتأكدوا من انها ثورة ليبية الارادة والمضمون. واكرر لست في معرض الدفاع عن القذافي على الاطلاق, ولست ابدا مع ان يستخدم النظام الليبي الاسلحة في قتل المدنيين الابرياء ان صح ما يدعون. برز في هذه الاحداث أهمية الأعلام بحيث ان الحرب اليوم اوشكت ان تصبح على شاشات الفضائيات وليست في الميادين وكعرب يجب ان تكون ذاكرتنا قوية ونتذكر الحكمة التي تقول "ان الحقيقة هي اول ضحايا الحرب". ان كان اليوم من شعار لا بد ان يرفع فهو وقف القتال وحقن الدماء. وان كان في ليبيا ثورة حرة ونزيهة وملتزمة فأنا اول المؤيدين لها, وان كانت ليست الا ارادة خارجية لنفوس مريضة فأنا اول من يعارضها ويقف ضدها ويفضحها والى ان يشاء الله فليس امامي الا ان ادعو من كل قلبي ان يحفظ الله ليبيا ويحفظ أهل ليبيا الشرفاء, والا لعنة الله على كل من سعى فساداً في هذه الاحداث.