تنتاب خلدون حالة من القلق والارق لرفضه تنفيذ وصية والده بتحويل احد الابنية التي كان يملكها الى وقف لتصرف عائداته على الفقراء والمحتاجين والمشروعات الخيرية .
لم يدرك خلدون ان الشريعة الاسلامية تحتم عليه الالتزام بنصوص الوصية ، الا انه يفسر رفضه تنفيذها في ذلك الوقت ، بأن قرار والده لم يكن مدروسا « لانه صدر بسبب تصرفات قام بها واشقاؤه في لحظة طيش اغضبت والدهم اضافة الى انها كانت اكثر من ثلث ما يملك والدهم « حسب قول الابن . وعلى طرف آخر , تشعر دارين بالرضا التام لتنفيذها واشقائها مضمون وصية والدتهم ، التي دعتهم فيها الى المحبة والترابط والمحافظة على العلاقات الاسرية المتينة فيما بينهم . يقول استاذ الفقه واصول الدين الدكتور منذر زيتون « ان الاسلام حث على الصدقة من خلال كتابة الوصية التي تتيح لصاحبها ان يراقب حال من يود التبرع والتصدق لهم بجزء من ماله البعيد عن الرياء وحب السمعة ، كونها قد لا تعرف اصلا أو تنفذ إلا بعد الموت «.
ويضيف انه يجوز للشخص تغيير او تبديل كتابة وصيته اكثر من مرة من غير ان يلتزم بأمر معين أو ان يخبر أحداً بما يريد ، كونها شأنا خاصا مبينا ان الوصية تعتبر تعميما للشعور الطيب بين الناس ، وتتلمس حاجاتهم حتى وان لم يطلبوا من بعضهم المساعدة صراحة ، لانها مورد مالي لأصحاب الحاجة تسهم في تخفيف وطأة الحاجة للبعض . ترتكز الوصية المعنوية حسب الدكتور زيتون على توجيه النصح إلى الأهل والأحباب وحثهم على الالتزام باشياء طيبة كالمحافظة على الصلاة أو على صلة الرحم مثلا، وعلى ترك أشياء مسيئة واجتنابها كالخصومة أو الفرقة والقطيعة مع آخرين . يقر سامح باخفائه وأشقائه ورقة كان تركها والدهم كوصية ، تبين أن هناك مبلغا من المال اقترضه والدهم من احد اشقائه لاستكمال بناء منزله . يقول « لم ندرك وقتها خطورة ما فعلنا بعد ان وجدنا ذريعة بأننا أحوج للمبلغ ، لاننا كنا في مراحل دراسية حرجة ، لكن بعد مضي سنوات واعترافنا بالخطأ خشينا الاقرار بذلك ، وما يترتب على ذلك من فوائد مالية يمكن ان تعيدنا الى دائرة عدم القدرة على الوفاء بهذا الالتزام المالي» . يقول الدكتور زيتون ان الوصية الخاصة بالأمور المالية ، تكون واجبة اذا تعلقت بدين وبذمة حقوق الاخرين ، وحدد الشرع ان تكون الحقوق المالية موضحة كتابيا , يوصي من خلالها ورثته بردها إلى اصحابها . ويبين ان الصدقات أفضل أجرا في حياة الانسان باعتبارها امتحانا للنفس البشرية المجبولة على حب المال عن طريق إلزامها بالاستغناء عن جزء منه دون مقابل طلبا لمثوبة من الله سبحانه وتعالى ، موضحا ان الدين لم يغلق باب الخيرات وشرع التبرع أثناء الحياة وبعدها، من خلال التوصية بجزء مما يملكه الانسان من مال .
تتحدث غادة عن رفض اخوتها من والدها تنفيذ وصيته بتخصيص اجزاء من ممتلكاته لابنائه من الزوجة الاولى والى البنات من الزوجة الثانية ، اضافة الى تخصيص أحد المباني كوقف لصالح أعمال الخير ، الا أن والدتها رفضت حينها تنفيذ بنود الوصية كليا . وتؤكد غادة أن الأمر في البداية كان عاديا ، تخلله نقاشات حادة بين افراد العائلة ، الى أن تطور الى خلاف كبير فيما بينهم حتى وصل الى رفع قضايا ضد بعضهم البعض في المحاكم .
وان أكثر ما يؤلمها في ذلك كما تقول « موقف والدتها المتعنت من تنفيذ بنود الوصية رغم خسارتها لعلاقتها بالأسرة التي أصبحت تنظر اليها نظرة حب الاستحواذ على الأموال « . يؤكد الدكتور زيتون أن الشريعة اشترطت أن لا تكون الوصية لصالح الورثة، لأن نصيبهم محفوظ بالميراث ، فلا تكون الوصية لأحدهم محاباة وزيادة لحصته على حساب غيره، كما اشترطت أن لا تزيد عن ثلث ما يملك تقديراً لحاجة الورثة حتى لا تؤدي إلى حرمان الورثة الاحوج الى الخير من أي جهة أخرى .
سهير جرادات-بترا
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:24 pm من طرف الادارة
» رابط المدونة على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:20 pm من طرف الادارة
» مدونة عربي على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:19 pm من طرف الادارة
» تأملات
الإثنين أبريل 29, 2019 3:35 am من طرف عربي
» اخر نص ساعة
الإثنين أبريل 29, 2019 3:34 am من طرف عربي
» اختلاف
الإثنين أبريل 29, 2019 3:32 am من طرف عربي
» الاحتلال
الثلاثاء أكتوبر 10, 2017 2:21 am من طرف عربي
» رجال كبار
السبت أغسطس 12, 2017 7:58 pm من طرف عربي
» صراع الحكم في الغابة
السبت يونيو 24, 2017 8:08 am من طرف عربي
» طخ حكي
السبت مايو 20, 2017 4:45 am من طرف عربي