العام الدراسي الجديد

منظر جميل يتكرر في اليوم مرتين الاولى في الصباح, تراهم يخرجون من منازلهم على ظهورهم حقائبهم انهم اطفال المدارس, رؤيتهم ومراقبتهم في الصباح شيء رائع بالنسبة لي.
يخرج احدهم من المنزل وينادي زميله يحمل بيده لفة زيت وزعتر او ربما جبن وبما انه بداية العام الدراسي فالأغلب انها مرتديلا, يعد مصروفه ومن ثم يضعه في جيبه واخر تنادي عليه أمه فلقد نسي ان يأخذ وجبته, هناك امر يعرفه الاباء والامهات جيداً الا وهو ان الطالب ممكن ان ينسى كتاب او قلم او حتى وجبته لكنه لا ينسى ابداً مصروفه اليومي. في بداية العام الدراسي ينعم الأهل على الابناء بمصروف زيادة اي اكثر من المعتاد في الاغلب كنوع من التشجيع ودب الحماس فيهم للذهاب للمدرسة.
في القرى الأمر مختلف فالطالب يحتاج احياناً ان يمشي ثلث ساعة, وربما اكثر لقد رأيتهم بعيني يمشون وعلى ظهرورهم حقائبهم الثقيلة, لم يتذمروا من هذا بل كانت البسمة تعلوا وجوههم, يتمازحون وهم يسيرون من والى المدرسة ويتحدثون عن أحلامهم البريئة فقد تجد من حديثهم مثلا " لقد اشترى لي ابي في الأمس بلوزة جديدة ولونها اسود وكمان عليها خط ابيض في النص" ويرد الاخر انا ابوي قالي اخر الشهر بده يشتريلي بدلة رياضة جديدة" انهم متفائلين عالمهم جميل يمتد من ساحة المنزل مكان لعبهم يمتد ما بين البيت والمدرسة والطريق بينهما التي تكون ساحة مغامراتهم وذكرياتهم, ساحة البيت ترقص فرحاً بهم وقت العصر حين يجتمعون بعد كتابة واجباتهم المدرسية وحين تخف حدة الشمس, هناك يلعبون ويضحكون واحياناً يتخاصمون وعلى نفس الأرض يعودون اصدقاء من دون كره او بغضاء.
وليس هناك منظر بروعة رؤية طفل سنة اولى مدرسة يخرج من بيته على ظهره حقيبته ويحمل العديد من الوصايا ايضا من امه وابيه, " اتطلع منيح قبل لتقطع الشارع يا ماما" , "ديري بالك لا تحكي مع حدا غريب, اذا حدا قالك خذ حبة حلو لا تاذخها ولا تحكي معه" , "بعدين اذا بدك تروح عالحمام وانتا بالصف لا تستحي واحكي للاستاذ" وغيرها من النصائح الكثير التي تختم بالدعوات حين يتجاوز الطفل عتبة البيت ويطىء الشارع.
انه العام الدراسي الجديد حيث تضج شوارعنا بالحياة, ويملأ الفرح قلبي وقلب الأباء والأمهات وهم يرون ابنائهم فلذات اكبادهم وهم يكبرون, ويوجهوهم بكل حب وحنان حتى يكونوا الأفضل والاكفأ والاكثر ادباً وعلماً,الا ان هذا العام يختلف عما سبقه من اعوام بنصائح من نوع جديد للأبناء, " لا تسلم على صحابك مباوسة يابا" , بعدين اذا في حد عطس ابعد عنه", "غسل ايديك منيح كل وقت ووقت". قلوب الأباء والأمهات منقبضة هذا العام خوفاً من انفلونزا الحنازير. مع هذ كله يبقى للعام الجديد فرحته وبهجته فلقد كانت عطلة طويلة اشتاق فيها المعلم لطلابه رغم انه يعلم ان حضورهم للمدرسة والتعامل معهم ومع مشاكلهم ليس بالأمر السهل, مع ذلك هناك اشتياق, هناك اشتياق من الجميع لطابور الصباح, لصوت المعلم يصدح في قاعة الدرس, وشوق للدراسة ورؤية الاصدقاء والمعلمين والكتب الجديدة, اشتياق الى العشر دقائق التي تجتمع فيها الأسرة عند الصباح وتكون في حالة طواريء فاحمد قد نسي اين وضع جواربه, وخالد اضاع قلمه ويريد قلماً جديداً, ونور تبكي لان هناك بقعة من الزيت وقعت على مريولها والام تركض هنا وهناك حريصة على ان يتم كل شيء بوقته, والأب يخرج محفظته ويوزع المصروف.
الى كل أب وأم, الى كل معلم ومعلمة, الى كل طالب وطالبة أقول لكم جميعاً حماكم الله وأبعد عنكم كل مكروه ووفقكم, وكل عام وانتم بخير.