الرأي / كريمان الكيالي - ..''اذا خرجت للشارع سيخطفك الحرامي ، اذا لم تنم مبكرا سيطلع لك الشبح او البعبع او العفريت من تحت السرير، اذا لم تسمع الكلام سنعطيك للغول أو تنام في غرفة الفئران او نلقي بك للشحاذ او نبقيك وحدك في العتمة'' اساليب لجأ اليها كثير من الاباء والامهات لتخويف اطفالهم وضمان انصياعهم لاوامرهم .
برغم ما تبدوعليه من سذاجة ، طالما تسببت هذه التهديدات او التحذيرات بخوف الاطفال وقلقهم من '' البعبع المزعوم '' ، ومنهم من عانى من اضطرابات نفسية بخاصة في النوم ، فكان لاينام الا بعد ان يغطي وجهه جيدا او يصرعلى ابقاء ضوء خافت في الغرفة ، اويخاف من الذهاب الى الحمام وحده في الليل .
اختلاق شخصيات وهمية كالعفاريت والبعبع والعو وامنا الغولة ، لتخويف الاطفال عادات اجتماعية مغلوطة كما يؤكد رئيس قسم الاجتماع بالجامعة الاردنية ''د.حلمي ساري '' وهي جزء من الثقافة العالمية ، لاتقتصر على المجتمع العربي ، فلكل ثقافة اساليبها في الضبط الاجتماعي للاطفال ، ولها دلالاتها ، وقدعرفت مثل هذه الحكايا عند العرب منذ العهد العباسي ، حيث اشتهرت قصة اشبه بالاسطورة للص يبطش ويسطو على البيوت في الليل اثار الذعر في نفوس الناس ، برغم انه قد يكون خرافة او وهما مثل جحا مثلا الذي ارتبط بالنوادر والطرائف ، وفي الحياة المعاصرة ارتبطت هذه الشخصيات المختلقة بالصراعات السياسية المريرة ، ففي بريطانيا مثلا اشتهر تخويف البريطانيين لاطفالهم بالاسكتلنديين .
وفي نموذج اخر اقرب واكثر حدة ، يضيف ''د.ساري '' فالاسرائيلي يخوف ابنه من العرب ويقول له : ''اذا لم تسكت اجيب لك عربي ياكلك '' بحسب ما ورد في كتاب''ان تكون عربيا في اسرائيل '' لمؤلفه فوزي الاسمر، حيث تجسد صورة الانسان العربي في''البعبع '' الذي يخيف الاطفال ، وفي مجتمعنا المحلي و بخاصة في القرى عرفت اساليب مختلفة من التخويف مثل ابو رجل مسلوخة وغرفة الفئران التي شكلت مصدر رعب كبير لجيل معظمه يعاني من ''فوبيا الفئران'' ، و في بعض المناطق في فلسطين تعودت الامهات ان يقلن ''الك عافية الله '' والتي يعتقد الطفل بانها شيء مفزع فيما في الواقع هي شيء جميل، دعاء تقليدي يعني التمتع بالصحة.
التخويف بالفئران في الصغر، انقلب الى خوف شديد في الكبر ، بل وعقدة لازمت البعض حتى بعد ان اصبح لديهم ابناء واحفاد كما تقول ''ام ناصر62عاما '' والتي ما تزال تعيش حالة رعب كلما شاهدت فأرا حتى لو على شاشة التلفزيون ، ،كما تقول فقد كانت امها تكثرمن تهديدها بالعقاب بادخالها غرفة الفئران لاي ذنب كانت ترتكبه.
اما ''هدى '' وهي ام لاربعة ابناء فكانت تصدق كل تهديدات امها بابقائها في غرفة الفئران ، لسبب بسيط ، ان منزل الاسرة كان يحوي مخزنا كبيرا توضع به الكراكيب وكثيرا ما كان يتسرب منه بعض الفئران والحشرات .
يجمع كثير من الاباء على انهم تعرضوا لاساليب تخويف مختلفة من الاهل في الصغر.. ويقول اب لثلاثة اطفال '' صالح '' بأن امه طالما خوفته من البعبع والحيوانات المتوحشة كالذئب والضبع ،حتى يسمع كلامها ، كذلك تعرض '' مسلم 35عاما '' لذات الاسلوب من خلال تخويفه ب ''ابو رجل مسلوخة '' الذي طالما كان يصحو مذعورا من نومه اذا ما رآه في المنام.
عصا الاب كانت اكبر مخوف لأبي فارس فنشأته في القرية جعلته اكثر شجاعة ويقول :كنت اشاهد ابي يقتل الافعى وامي كذلك ،ولم يكن في اسرتنا هذه الاساليب الساذجة من التخويف اطلاقا ، اكثر ما كنا نخاف منه عقاب ابي.
هذا الجيل ما يزال يخوف بذات الاسلوب ، وتقول '' مها '' بانها تضطر لتخويف اطفالها ب''العو''،حتى لايلعبوا في الشارع ، او تضمن هدوءهم، وهي ترى في ذلك نتائج ملموسة اكثر من الضرب والصراخ. فقد ثبت لديها بان الخوف خير وسيلة تساعد في تربية الطفل .
في الدورة الثانية عشرة للمهرجان الدولي لسينما الاطفال تعرض فيلم '' شركة المرعبين المتحدة '' وهو رسوم متحركة امريكي من انتاج ديزني لاند لانتقادات حادة من النقاد والمخرجين وحتى من حضر الفيلم ومنهم اطفال ، لانه قدم شخصيات هدفها تخويف الاطفال قريبة من تلك التي يخوفهم بها الاهل.
ويحذر مختصون من ان تخويف الاطفال بهذا الاسلوب خطأ فادح يرتكب في حق الطفل له عواقب وخيمة ابرزها ، الاحلام المزعجة والتبول اللاارادي ، ميل الطفل الى الانطواء على الذات والخجل والجبن .
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:24 pm من طرف الادارة
» رابط المدونة على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:20 pm من طرف الادارة
» مدونة عربي على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:19 pm من طرف الادارة
» تأملات
الإثنين أبريل 29, 2019 3:35 am من طرف عربي
» اخر نص ساعة
الإثنين أبريل 29, 2019 3:34 am من طرف عربي
» اختلاف
الإثنين أبريل 29, 2019 3:32 am من طرف عربي
» الاحتلال
الثلاثاء أكتوبر 10, 2017 2:21 am من طرف عربي
» رجال كبار
السبت أغسطس 12, 2017 7:58 pm من طرف عربي
» صراع الحكم في الغابة
السبت يونيو 24, 2017 8:08 am من طرف عربي
» طخ حكي
السبت مايو 20, 2017 4:45 am من طرف عربي