عـن سمـير ومعـان
سأكتب عن (سمير ابو هلالة) الراقد على سرير الشفاء في مركز الحسين للسرطان، للعلم سمير صحفي متمرس ومحترف... وكان في اواخر التسعينيات يغيب عن العمل فترات طويلة بعبارة اخرى كان يختفي دون ان ندري اين ذهب هذا الرجل... واكتشفنا ان بغداد كانت وجهة سمير.. لقد امضى العمر بين هوى بغداد وطريق معان.
في العام 2003 وانا اذكر الحادثة تماما واذكر سمير حين بدأ يبكي كطفل فجع باليتم في اللحظة التي سارت فيها الدبابة الاميركية على جسر الجمهورية وقصفت وزارة الاعلام ولا ادري هل بكى على المشهد ام ان درب بغداد وهواها لم يعد ممكنا.. منذ ذلك التاريخ ونحن نزور سمير في المستشفى انا وسميح المعايطة، لقد بدأت اوجاع الرجل تزيد، وبدت الحياة في وجهه اقرب الى اللون الرمادي.. علما بانه ابدع في الصحافة حين اسس ما يسمى الاعلام البيئي وادخل اتحاد المزارعين على الخارطة الاعلامية.. وكان مشروعه الاخير مجلة بيئية متخصصة.
معان تقسو علينا ونحبها، ورجالها احيانا يقاتلون في الحياة بقسوة ويتخندقون خلف مبادئهم ومعتقداتهم ونحبهم.. واتذكر ان الاعتقال طالني قبل (11) عاما حين كتبت عن معان.. وليس هناك اعذب من ان يكون كحل الكلام والعيون معانيا.
اعرف يا سمير ان الوجع الذي يأتيك في ليل عمان البارد مؤلم.. ولكنك مطوق في معان وبغداد.. صدقني ان (الاعظمية) التي احببتها خلف الباب وها هي تعزف لك اللحن ''المحمداوي'' وربما تهمس في اذنك قائلة ان درب العراق ما زال يشتاق خطاك الرصينة، ومعان هي الاخرى فوق سريرك وتقرأ على مسمعك ''والضحى والليل اذا سجى''، وانا مثل سميح المعايطة قلق عليك واتحدث مع الطبيب عبر الهاتف واكذب عليه اقول اني (ابن عمك) الذي يسكن كندا واريد ان اطمئن عليك.
بيني وبينك (15) عاما أمضيناها معا في الصحافة تزاملنا واختلفنا.. واخذتني لمطاعم تقدم وجبات غريبة، واقنعتني بانواع سجائر غريبة.. وذهبنا لاماكن قلت لي ان اسعار ربطات العنق فيها زهيدة.. لكننا لم نختلف يوما على ان معان كحل الكاتب اذا استوى حبره على اهداب الوطن.. وان درب بغداد شوق واغان وترانيم غرام.
انهض من كبوتك فصديقك (سميح المعايطة) الاكثر حبا وقربا لك يجادل الحرس على باب مركز الحسين للسرطان، يريد زيارتك ويمنعونه .. ولكني اسمعه حين يعتري الغضب والشوق قلبه يتلو على باب غرفتك.. ''والضحى والليل اذا سجى''.
عاشت معان، وسمير ابنها سيبقى حرا على خط الحياة.. انا واثق.
عبدالهادي راجي المجالي
سأكتب عن (سمير ابو هلالة) الراقد على سرير الشفاء في مركز الحسين للسرطان، للعلم سمير صحفي متمرس ومحترف... وكان في اواخر التسعينيات يغيب عن العمل فترات طويلة بعبارة اخرى كان يختفي دون ان ندري اين ذهب هذا الرجل... واكتشفنا ان بغداد كانت وجهة سمير.. لقد امضى العمر بين هوى بغداد وطريق معان.
في العام 2003 وانا اذكر الحادثة تماما واذكر سمير حين بدأ يبكي كطفل فجع باليتم في اللحظة التي سارت فيها الدبابة الاميركية على جسر الجمهورية وقصفت وزارة الاعلام ولا ادري هل بكى على المشهد ام ان درب بغداد وهواها لم يعد ممكنا.. منذ ذلك التاريخ ونحن نزور سمير في المستشفى انا وسميح المعايطة، لقد بدأت اوجاع الرجل تزيد، وبدت الحياة في وجهه اقرب الى اللون الرمادي.. علما بانه ابدع في الصحافة حين اسس ما يسمى الاعلام البيئي وادخل اتحاد المزارعين على الخارطة الاعلامية.. وكان مشروعه الاخير مجلة بيئية متخصصة.
معان تقسو علينا ونحبها، ورجالها احيانا يقاتلون في الحياة بقسوة ويتخندقون خلف مبادئهم ومعتقداتهم ونحبهم.. واتذكر ان الاعتقال طالني قبل (11) عاما حين كتبت عن معان.. وليس هناك اعذب من ان يكون كحل الكلام والعيون معانيا.
اعرف يا سمير ان الوجع الذي يأتيك في ليل عمان البارد مؤلم.. ولكنك مطوق في معان وبغداد.. صدقني ان (الاعظمية) التي احببتها خلف الباب وها هي تعزف لك اللحن ''المحمداوي'' وربما تهمس في اذنك قائلة ان درب العراق ما زال يشتاق خطاك الرصينة، ومعان هي الاخرى فوق سريرك وتقرأ على مسمعك ''والضحى والليل اذا سجى''، وانا مثل سميح المعايطة قلق عليك واتحدث مع الطبيب عبر الهاتف واكذب عليه اقول اني (ابن عمك) الذي يسكن كندا واريد ان اطمئن عليك.
بيني وبينك (15) عاما أمضيناها معا في الصحافة تزاملنا واختلفنا.. واخذتني لمطاعم تقدم وجبات غريبة، واقنعتني بانواع سجائر غريبة.. وذهبنا لاماكن قلت لي ان اسعار ربطات العنق فيها زهيدة.. لكننا لم نختلف يوما على ان معان كحل الكاتب اذا استوى حبره على اهداب الوطن.. وان درب بغداد شوق واغان وترانيم غرام.
انهض من كبوتك فصديقك (سميح المعايطة) الاكثر حبا وقربا لك يجادل الحرس على باب مركز الحسين للسرطان، يريد زيارتك ويمنعونه .. ولكني اسمعه حين يعتري الغضب والشوق قلبه يتلو على باب غرفتك.. ''والضحى والليل اذا سجى''.
عاشت معان، وسمير ابنها سيبقى حرا على خط الحياة.. انا واثق.
عبدالهادي راجي المجالي
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:24 pm من طرف الادارة
» رابط المدونة على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:20 pm من طرف الادارة
» مدونة عربي على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:19 pm من طرف الادارة
» تأملات
الإثنين أبريل 29, 2019 3:35 am من طرف عربي
» اخر نص ساعة
الإثنين أبريل 29, 2019 3:34 am من طرف عربي
» اختلاف
الإثنين أبريل 29, 2019 3:32 am من طرف عربي
» الاحتلال
الثلاثاء أكتوبر 10, 2017 2:21 am من طرف عربي
» رجال كبار
السبت أغسطس 12, 2017 7:58 pm من طرف عربي
» صراع الحكم في الغابة
السبت يونيو 24, 2017 8:08 am من طرف عربي
» طخ حكي
السبت مايو 20, 2017 4:45 am من طرف عربي