تأملات

كلما فتحت التلفاز لأشاهد الأخبار تكررت العناوين التالية, اكدت مصر سعيها لحل الصراع القائم بين فتح وحماس, انفجار يهز بغداد وسقوط عشرات الجرحى, القراصنة في الصومال يقومون باختطاف سفينة كانت متجهة الى.. سقوط صاروخ في افغانستان يؤدي الى مقتل عشرات المدنيين, مصر تعتقل اربعين شخص من الاخوان المسلمين, ايران ترفض اتفاقية مقدمة من قبل امريكا والولايات المتحدة من اجل وقف تخصيب اليورانيوم, وتماطل الجتمع الدولي, سوريا تعتقل احد الناشطين في حقوق الانسان, مظاهرات من اجل الحجاب وحرية التدين تعم شوارع اوروبا,زلزال في اندونيسيا يقتل مئات الاشخاص, فيضان في السعودية او السودان يقتل العشرات, هذه هي اهم اخبار الشرق الأوسط والمسلمين التي تتكرر بشكل مستمر واذا جد امر فهو المزيد من القتلى والمزيد من الحروب, مثلاً الحوثيين يعلنون انهم سيقاتلون حتى النهاية, اليمن تعلن مقتل عشرات الحوثيين وانها فرضت سيطرتها على مناطق كانت تخضع للحوثيين من قبل, امس كان ابن عمي موجود وكنا نشرب الشاي, فقلت ساشعل التلفاز لأشاهد الأخبار, فرأيته يصرخ ويستنكر ويقول "اتركنا من الأخبار" الا اني اصريت وخصوصاً ان اليوم الثلاثاء فهناك برنامج الاتجاه المعاكس, عندما انتهى البرنامج سالني ابن عمي من هو الذي يقول الحق من قبل هذين الطرفين, فشرعت اشرح له ان اي منهما ممكن ان يكون على حق لاننا لا نملك المصادر الموثوقة لنطلع على المور ونحكم, فسألني سؤالاً وجيهاً لماذا تتابع البرنامج اذاً, فرددت عليه قائلاً انا لا اتابع البرنامج من اجل هذه القضية الدائرة بين المتحاورين انا اتابع لما بعد البرنامج لما هو اعمق من هذا. وشرحت له قائلاً انا عندما اهتم بامر لا يعني هذا اني اهتممت به لأجله انما لما هو بعده. شعر ابن عمي اني اتتفلسف وقال لي باختصار لم افهم شي وحتى البرنامج لم افهم منه وشكرا على الشاي ومع السلامة. وعبثاً حاولت ان اقنعه في ان ينخرط معي في الاهتمام بقضايا الامة وبحثها ومناقشتها, والعمل من اجل بناء هذه الامة ونشر الوعي بين الناس, يبدو ان كلامي لم يرق له فاخبرني انه حان وقت نومه لان لديه عمل غداً. وقبل ان يغادر قال قولته التي يقولها دوما " سوف اتي اليك بعد عشرين سنة واراك وقد شاب شعرك وانت تجلس خلف التلفاز تتابع اخبار الموتى والتقلى والحروب".
تأملت مقولته حتى بعد ان انصرف, فكرت فيها واذ بها تعبر عن ان هناك حالة يأس واحباط شديد لدرجة ان الانسان العربي يعتقد بشكل يقيني ان الحروب والقتل والدمار ستستمر لعشرين سنة قادمة.
بالنسبة لي اعتقد انها ستستمر لما هو اكثر من ذلك, فاذا كنا نحن ابناء هذه الأمة وشبابها لا ننشغل في التفكير والعمل من اجل قضايانا المصيرية وانصبت اهتماماتنا على كيف ناكل وكيف نعيش وكيف نتزوج, لا اعتقد حينها ان شيئاً سيتحسن بل ان الامور ستزداد سوءاً.
وستبقى نشرة الاخبار تطل علينا بمزيد من القتلى ومزيد من الاعتقالات ومزيد من اللعنات