وكانت في بغداد شخصيات تتردد اسماؤهم على السنة البغداديين لاسباب مختلفة ولكنهم لا يشبهون من ذكرناه في اعلاه، ولكن الواجب علينا ان نسجل ما كان موجودا في بغداد في تلك الحقبة غثاً او سميناً فليس للمؤرخ ان يلتقط من المجتمع ما يلذ له ومن هذه الشخصيات التي ليس رابطة بينها وكل واحد من طراز يختلف ومنهم:
اولاًَ: توفيق اجنص:
وهو من اشهر الشخصيات البغدادية في جانب الرصافة واجنص معناها الاخبار فهو مغرم بنقل الاخبار من محل الى اخر ومن شخص الى اخر لدرجة ان جميع الموجودين بين باب المعظم والسيد سلطان علي واصحاب الدكاكين والمصالح يعرفون الخبر نفسه، وتوفيق من سكان محلة الطوب في باب المعظم وفي اخر ايامه صار وكيلاً لقبض الرواتب التقاعدية للعجائز والمسنين، الذي لايقدرون على مراجعة دائرة التقاعد التي كانت عبارة عن غرفة واحدة في شعبة المحاسبات في وزارة المالية ويديرها السيد محمد حسين النواب والد الدكتور ضياء النواب حيث كان عدد المتقاعدين قليلاً جداً وبهذه الوكالات استطاع توفيق ان يلتقط من الاخبار التي كان يحصل عليها من البيوت ما لا يستطيع احد التقاطه لذلك اطلق عليه احد الصحفيين لقب توفيق ابو هافا (هافا هي وكالة الانباء الفرنسية) وكان توفيق بسيطاً حسن السلوك يقضي حوائج الناس بقدر مايستطيع وكان رجاؤه ووساطاته لدى المسؤولين الكبار في الحكومة لاترد.
ثانياً: جاسم ابو الهبزي وعرب احمد بنية
وهؤلاء الثلاثة يشتركون في شيء واحد هو ادعاؤهم بما ليس فيهم، فجاسم ابو الهبزي يدعي بالمراجل والشقاوة وكلما تحصل جريمة قتل يتردد على المقاهي ومراكز الشرطة ويسأل ان كان قد ذكر اسمه في قائمة المشبوهين وكان يصادق المشهورين من الاشقياء مثل ابراهيم الاسود والحجي شاكر الخياط وقد نال من التوقيف والضرب ما لم ينل مثله احد ويساق الى المحاكم ولكنه يخرج بريئاً لعدم وجود اي دليل ضده ولكنه لم يرتدع ويعود الى ادعاءاته الى ان تم توقيفه في حادث مقتل احمد الشبان في باب الشيخ من قبل الحجي شاكر وعزيز الاقجم حيث اوقف لمدة سبعة اشهر وتلقى من العذاب ما جعله يتوب توبة صادقة وبعدها عكف في بيته وقضى نحبه.
ثالثاً احمد بنية :
ولا ادري ان كان يقرب الى عائلته البنية المعروفة لكن اسمه كان احمد بنية كان يلبس انذاك العرقجين وحده ويرمي اليشماغ باهمال على كتفه الايمن ويمشي مسرعاً في شارع الرشيد متلفتاً ذات اليمين وذات الشمال يسلم على الناس او الناس تسلم عليه ويسمع عبارات (استريح ابو شهاب) وجوابه الدائم (لا والله عندي شغل مهم) ولكن الحقيقة ان لا شغل لديه، وكان يوجد بالقرب من أماكن وقوع الجرائم داعياً من الله ان يتهم ولكنه لم يتهم وقد يبالغ في بعض الاحيان ويقول واليشماغ في يده دلالة على الارتباك (والله ماكو شي بس شوي جرينا اذنه) اي اشبعناه ضرباً ورفساً والناس يعرفون ان لاصحة لكلامه ومع ذلك فقد كان محبوباً عند الناس يتمتعون بأحاديثه عن البطولات والمراجل لكنه لم يشتهر عنه انه اذى او اعتدى عليه.
رابعاً عرب:
صاحب مقهى باب المعظم فقد كان من طراز آخر فهو نفاج نفاخ لايدعي البطولات والشقاوة لكنه يدعى بالحلول السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يقدمها لكبار القوم فيقول مثلاً انه كان مدعواً للعشاء عند الملك فيصل الاول وقدم له النصائح في كيفية حكم العراق او ان المندوب السامي البريطاني المستر هنري دوبس قد زاره في منتصف الليلة الماضية وشرب عنده الشاي او ان المس بل قد عشقته وراودته عن نفسها ولكنه رفض ذلك بكل اباء احتراماً للحجي ناجي وكانت هذه الاحاديث اللطيفة الفكهة تجعل مقهاه منتدى لكثير من الادباء والظرفاء في بغداد يتمتعون بالخيال الساحر لصاحب المقهى وسخريته من الاحداث كما كان يعرف وباصرار شديد كل مرتادي قهوته فان لم يكن يعرفه فانه يقدم له الشاي او الحامض مجاناً ويبدأ حديثه معه (بلا صغر بيك منو جنابك) ذلك ان قهوتي هي للاصدقاء والمحبين وستكون انت احدهم وبحديثه المعسول جلب الناس اليه وكثر المريدون اما ابنه فقد فتح مقهى في كمب الاعظمية وسماها قهوة عرب باسم ابيه المرحوم ولكن شتان مابين الاب والابن.
خامساً شيخان العربنجي:
هو اشهر عربنجي في بغداد حتى الخمسينيات يوم انقرضت العرباين (الربل) تقريباً من شارع الرشيد ومات شيخان معدماً فقيراً بـ(الزيق) الذي يخرجه من فمه وقد واجهت شيخان في الثلاثينيات واعترف لي بانه من مواليد قرية (سركلو) في السليمانية وكان ميسور الحال ومن عائلة طيبة وله عائلة محترمة ولكن الزمن جفاه بماله وعياله وجاء الى بغداد في اوائل العشرينات ولما كان من مريدي الطريقة الطالبانية فقد التجأ اول مجيئه الى تكية الطالبانية في الميدان بجوار جامع المرادية وكان بين الجامع والتكية اصطبل للعرباين وصار يجتمع الى العربنجية واشتغل معهم باجرة كانت تكفيه للعيش في ذلك الزمن وتعلم المصلحة بصورة جيدة وصار (عربنجياً) واصبح شاطراً جدا في اخراج (الزيق) من فمه كما اشتهر بذلك كل من جعفر العسكري رئيس الوزراء حين ذاك ولفتة العبد ربيب السيد كامل الخضري ولما كان شيخان قد عرف الشاعر الكردي الكبير الطالباني واشتهر بشعر الهجاء باللغات العربية والتركية والكردية وتعلم منه ان الحياة لا تساوي شيئاً وان الدنيا فانية وان عقوبة نكد الزمان هو الاستهتار بالزمان واخذ الناس يتحرشون به ويتحرش بهم وقال لي ان الناس يحاولون السخرية مني ولكني انا الذي اسخر منهم ومن دنياهم وها ان ابنتي متزوجة من احد الرجال المعروفين في بغداد (ضابط معروف في الجيش) ولكني ارفض ان القاه وارفض اي (منه) من احد ولا اقبل اكرامية زائدة عن الحد عند نقل الناس في العربة من محل الى اخر، وهكذا فقد القى علي محاضرة في الحياة والناس ولما سألته حين بدأنا في الافتراق ما هو موقفه مني : اجابني (بزيق) طويل من زياقته المشهورة رحمه الله ومات فقيراً معدمأ ودفن في مقبرة باب المعظم باعتباره غريباً من الغرباء.
سادساً عباس حلاوي:
وعباس هذا كثير الصنائع قليل الرزق اهم اعمال اعلاناته في باب سنترال سينما قرب تكية البدوي عن الفيلم الذي يعرض وعن المسلسلات الكوميدية وغير الكوميدية وهو صاحب القول المشهور (الليلة عدنا تبديل) اربع مناظر ستة ادي بولو اثنين طرزان اثنين جاكي كوكان وهي المسلسلات التي كانت تعرض في ذلك الزمان يساعده في الصياح في باب السينما حسقيل ابو البالطوات (البالطو: هو المعطف الشتوي) والذي يشتغل بعد ذلك في الليل بالفصول الهزلية التي كان يقدمها جعفر اغا لقلق زاده في ملاهي بغداد في محلة الميدان واذا لم يكن لعباس رزق في احد الايام فانه يركب العربة مع جوقة مع الاولاد الصغار وقد صبغ وجهه بالاحمر والاخضر للاعلان عن اي شيء او بضاعة مكلف بالاعلان عنها مصحوباً بالرقص والتصفيق وكان يتخلق البستات والاغاني ووراء الصبيان مخترقين شارع الرشيد من الميدان حتى شارع باب الشيخ وقد استخدمه بعضهم للسخرية من احد الناس المعروفين بغرض التشهير وقد نجح في المرة الاولى اذ شهر باحد التجار ولكنه لم يعد اليها في المرة الثانية وقد شهر باحد الزورخانية فنال جزءاه ونقل الى المستشفى لمداواة جروحه ولم يعد اليها ثانية، بل لم ير وجهه في بغداد مرة اخرى، حيث احتفى والى الابد.
سابعاً دعبول البلام:
اشهر بلام في بغداد خصوصاً ايام الصيف جين ينزل الناس بالزوارق الى شاطىء الكاورية ترفيها عن النفس واكل السمك المسكوف وهو قارىء جيد للمقام العراقي وفكه ظريف وقد كفانا الاستاذ يوسف العاني مشقة الكتابة عنه تفصيلاً فقد جاء ذلك في تمثيليته المشهورة (دعبول).
ثامناً شفتالو :
وهو قزم ايراني اقرع يتظاهر بالبله
ويشتغل في مقهى حسن عجمي، يسقي الماء ويقوم ببقية اعمال القهوة وكان يعرف جميع روادها معرفة تامة فهو يتساءل دائماً بطريقة خبيثة عن اسمائهم وحسبهم ونسبهم ونقائهم وفضائلهم وكان له صديق حميم واخر عدو مبين اما صديقه فهو القزم العروف (خليلو) المشوه الخلق العارف جيداً بالمقامات العراقية والاغاني العراقية وغير العراقية.والمعتاش على الصدقات والاكراميات من عارفيه والفنانين والفنانات وقد ظهر على شاشة التلفزيون العراقي في يوم من الايام مقلداً مختلف الاغاني كشخصية بغدادية غريبة متصلة بالفن، برغم مظهره الخارجي، أ.ا عدو شفتالو اللدود فهو المرحوم حسن حراسة وكان يخافه خوفاً شديداً ويرتجف لمجرد ذكر اسمه وحين يقترب حسن من المقهى بطريق المصادفة فاما ان يهرب شفالتو الى دربونة بيت الشابندر القريبة من المقهى واما ان يختبىء من (الاوجاغ) بحماية حسن عجمي والسبب في ذلك ان المرحوم حسن حراسة قد اشتهر بالمراجل والشقاوة وقد الصقت به قتل سياسية مثل مقتل الكوميسير اليهودي سلمان افندي ومقتل وزير الداخلية و توفيق الخالدي برغم كونه ملتزم للحراسة ولكن التحقيق الطويل الذي اجري معه لم يثبت انه قام بعمل من هذه الاعمال.
تاسعاً الحاج خليل ابراهيم القهوجي الكروي القيسي:
وكان في صباه قهوجياً في قنبر علي مع ابيه واول ما بدأ عمله مستقلاً كان في المدرسة الثانوية المركزية في النصف الثاني من العشرينات ثم انتقل الى دار المعلماني في الثلاثينات وبق هناك حتى استأجر المقهى من الاوقاف في محلة الخشالات على شارع الرشيد لقد كان خليل القهوجي مثلاً للكرم وحسن السلوك واللطف في المعاملة واستمرت صداقته الوثيقة مع جميع الذين عرفوه من طلاب الثانوية ودار المعلمين حتى بعد تخرجهم واشغالهم الوظائف في الدولة المهمة منها وغير الهمة وخصوصاً ضباط الجيش وبقيت علاقاته الوثيقة معهم قائمة حتى تقاعدهم من الخدمة وصارت قهوته مركزأ للاستعلامات ومحطة للبريد والحوالات والامانات مابين بغداد والمحافظات فقد كانت اكثر عناوين الرسائل وعناوين الحوالات المالية ترد وتصدر بواسطة قهوة خليل.
وقد اعتاد رواد القهوة كما اعتاد هو ان يترك التخت مع صينية الواردات مباحة للعموم حتى ان اخاه سلمان وهو من ام يهودية تزوجها ابوه في قنبر علي كان سلمان هذا يترك الصينية تحت رحمة كل من يجلس على التخت وجاء في يوم من الايام احد المزاحمين في المزاد الذي اقيم في مديرية الاوقاف العامة لاستئجار المقهى وزاد على الحجي في الايجار فاستنكر خليل ذلك واستاجر مقهى اخر بجوار المقهى الاول ولكنه لم يستأنس في هذه المقهى وركبته الحسرة والكآبة وترك العمل نهائيا وتوفي الى رحمة الله
اولاًَ: توفيق اجنص:
وهو من اشهر الشخصيات البغدادية في جانب الرصافة واجنص معناها الاخبار فهو مغرم بنقل الاخبار من محل الى اخر ومن شخص الى اخر لدرجة ان جميع الموجودين بين باب المعظم والسيد سلطان علي واصحاب الدكاكين والمصالح يعرفون الخبر نفسه، وتوفيق من سكان محلة الطوب في باب المعظم وفي اخر ايامه صار وكيلاً لقبض الرواتب التقاعدية للعجائز والمسنين، الذي لايقدرون على مراجعة دائرة التقاعد التي كانت عبارة عن غرفة واحدة في شعبة المحاسبات في وزارة المالية ويديرها السيد محمد حسين النواب والد الدكتور ضياء النواب حيث كان عدد المتقاعدين قليلاً جداً وبهذه الوكالات استطاع توفيق ان يلتقط من الاخبار التي كان يحصل عليها من البيوت ما لا يستطيع احد التقاطه لذلك اطلق عليه احد الصحفيين لقب توفيق ابو هافا (هافا هي وكالة الانباء الفرنسية) وكان توفيق بسيطاً حسن السلوك يقضي حوائج الناس بقدر مايستطيع وكان رجاؤه ووساطاته لدى المسؤولين الكبار في الحكومة لاترد.
ثانياً: جاسم ابو الهبزي وعرب احمد بنية
وهؤلاء الثلاثة يشتركون في شيء واحد هو ادعاؤهم بما ليس فيهم، فجاسم ابو الهبزي يدعي بالمراجل والشقاوة وكلما تحصل جريمة قتل يتردد على المقاهي ومراكز الشرطة ويسأل ان كان قد ذكر اسمه في قائمة المشبوهين وكان يصادق المشهورين من الاشقياء مثل ابراهيم الاسود والحجي شاكر الخياط وقد نال من التوقيف والضرب ما لم ينل مثله احد ويساق الى المحاكم ولكنه يخرج بريئاً لعدم وجود اي دليل ضده ولكنه لم يرتدع ويعود الى ادعاءاته الى ان تم توقيفه في حادث مقتل احمد الشبان في باب الشيخ من قبل الحجي شاكر وعزيز الاقجم حيث اوقف لمدة سبعة اشهر وتلقى من العذاب ما جعله يتوب توبة صادقة وبعدها عكف في بيته وقضى نحبه.
ثالثاً احمد بنية :
ولا ادري ان كان يقرب الى عائلته البنية المعروفة لكن اسمه كان احمد بنية كان يلبس انذاك العرقجين وحده ويرمي اليشماغ باهمال على كتفه الايمن ويمشي مسرعاً في شارع الرشيد متلفتاً ذات اليمين وذات الشمال يسلم على الناس او الناس تسلم عليه ويسمع عبارات (استريح ابو شهاب) وجوابه الدائم (لا والله عندي شغل مهم) ولكن الحقيقة ان لا شغل لديه، وكان يوجد بالقرب من أماكن وقوع الجرائم داعياً من الله ان يتهم ولكنه لم يتهم وقد يبالغ في بعض الاحيان ويقول واليشماغ في يده دلالة على الارتباك (والله ماكو شي بس شوي جرينا اذنه) اي اشبعناه ضرباً ورفساً والناس يعرفون ان لاصحة لكلامه ومع ذلك فقد كان محبوباً عند الناس يتمتعون بأحاديثه عن البطولات والمراجل لكنه لم يشتهر عنه انه اذى او اعتدى عليه.
رابعاً عرب:
صاحب مقهى باب المعظم فقد كان من طراز آخر فهو نفاج نفاخ لايدعي البطولات والشقاوة لكنه يدعى بالحلول السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يقدمها لكبار القوم فيقول مثلاً انه كان مدعواً للعشاء عند الملك فيصل الاول وقدم له النصائح في كيفية حكم العراق او ان المندوب السامي البريطاني المستر هنري دوبس قد زاره في منتصف الليلة الماضية وشرب عنده الشاي او ان المس بل قد عشقته وراودته عن نفسها ولكنه رفض ذلك بكل اباء احتراماً للحجي ناجي وكانت هذه الاحاديث اللطيفة الفكهة تجعل مقهاه منتدى لكثير من الادباء والظرفاء في بغداد يتمتعون بالخيال الساحر لصاحب المقهى وسخريته من الاحداث كما كان يعرف وباصرار شديد كل مرتادي قهوته فان لم يكن يعرفه فانه يقدم له الشاي او الحامض مجاناً ويبدأ حديثه معه (بلا صغر بيك منو جنابك) ذلك ان قهوتي هي للاصدقاء والمحبين وستكون انت احدهم وبحديثه المعسول جلب الناس اليه وكثر المريدون اما ابنه فقد فتح مقهى في كمب الاعظمية وسماها قهوة عرب باسم ابيه المرحوم ولكن شتان مابين الاب والابن.
خامساً شيخان العربنجي:
هو اشهر عربنجي في بغداد حتى الخمسينيات يوم انقرضت العرباين (الربل) تقريباً من شارع الرشيد ومات شيخان معدماً فقيراً بـ(الزيق) الذي يخرجه من فمه وقد واجهت شيخان في الثلاثينيات واعترف لي بانه من مواليد قرية (سركلو) في السليمانية وكان ميسور الحال ومن عائلة طيبة وله عائلة محترمة ولكن الزمن جفاه بماله وعياله وجاء الى بغداد في اوائل العشرينات ولما كان من مريدي الطريقة الطالبانية فقد التجأ اول مجيئه الى تكية الطالبانية في الميدان بجوار جامع المرادية وكان بين الجامع والتكية اصطبل للعرباين وصار يجتمع الى العربنجية واشتغل معهم باجرة كانت تكفيه للعيش في ذلك الزمن وتعلم المصلحة بصورة جيدة وصار (عربنجياً) واصبح شاطراً جدا في اخراج (الزيق) من فمه كما اشتهر بذلك كل من جعفر العسكري رئيس الوزراء حين ذاك ولفتة العبد ربيب السيد كامل الخضري ولما كان شيخان قد عرف الشاعر الكردي الكبير الطالباني واشتهر بشعر الهجاء باللغات العربية والتركية والكردية وتعلم منه ان الحياة لا تساوي شيئاً وان الدنيا فانية وان عقوبة نكد الزمان هو الاستهتار بالزمان واخذ الناس يتحرشون به ويتحرش بهم وقال لي ان الناس يحاولون السخرية مني ولكني انا الذي اسخر منهم ومن دنياهم وها ان ابنتي متزوجة من احد الرجال المعروفين في بغداد (ضابط معروف في الجيش) ولكني ارفض ان القاه وارفض اي (منه) من احد ولا اقبل اكرامية زائدة عن الحد عند نقل الناس في العربة من محل الى اخر، وهكذا فقد القى علي محاضرة في الحياة والناس ولما سألته حين بدأنا في الافتراق ما هو موقفه مني : اجابني (بزيق) طويل من زياقته المشهورة رحمه الله ومات فقيراً معدمأ ودفن في مقبرة باب المعظم باعتباره غريباً من الغرباء.
سادساً عباس حلاوي:
وعباس هذا كثير الصنائع قليل الرزق اهم اعمال اعلاناته في باب سنترال سينما قرب تكية البدوي عن الفيلم الذي يعرض وعن المسلسلات الكوميدية وغير الكوميدية وهو صاحب القول المشهور (الليلة عدنا تبديل) اربع مناظر ستة ادي بولو اثنين طرزان اثنين جاكي كوكان وهي المسلسلات التي كانت تعرض في ذلك الزمان يساعده في الصياح في باب السينما حسقيل ابو البالطوات (البالطو: هو المعطف الشتوي) والذي يشتغل بعد ذلك في الليل بالفصول الهزلية التي كان يقدمها جعفر اغا لقلق زاده في ملاهي بغداد في محلة الميدان واذا لم يكن لعباس رزق في احد الايام فانه يركب العربة مع جوقة مع الاولاد الصغار وقد صبغ وجهه بالاحمر والاخضر للاعلان عن اي شيء او بضاعة مكلف بالاعلان عنها مصحوباً بالرقص والتصفيق وكان يتخلق البستات والاغاني ووراء الصبيان مخترقين شارع الرشيد من الميدان حتى شارع باب الشيخ وقد استخدمه بعضهم للسخرية من احد الناس المعروفين بغرض التشهير وقد نجح في المرة الاولى اذ شهر باحد التجار ولكنه لم يعد اليها في المرة الثانية وقد شهر باحد الزورخانية فنال جزءاه ونقل الى المستشفى لمداواة جروحه ولم يعد اليها ثانية، بل لم ير وجهه في بغداد مرة اخرى، حيث احتفى والى الابد.
سابعاً دعبول البلام:
اشهر بلام في بغداد خصوصاً ايام الصيف جين ينزل الناس بالزوارق الى شاطىء الكاورية ترفيها عن النفس واكل السمك المسكوف وهو قارىء جيد للمقام العراقي وفكه ظريف وقد كفانا الاستاذ يوسف العاني مشقة الكتابة عنه تفصيلاً فقد جاء ذلك في تمثيليته المشهورة (دعبول).
ثامناً شفتالو :
وهو قزم ايراني اقرع يتظاهر بالبله
ويشتغل في مقهى حسن عجمي، يسقي الماء ويقوم ببقية اعمال القهوة وكان يعرف جميع روادها معرفة تامة فهو يتساءل دائماً بطريقة خبيثة عن اسمائهم وحسبهم ونسبهم ونقائهم وفضائلهم وكان له صديق حميم واخر عدو مبين اما صديقه فهو القزم العروف (خليلو) المشوه الخلق العارف جيداً بالمقامات العراقية والاغاني العراقية وغير العراقية.والمعتاش على الصدقات والاكراميات من عارفيه والفنانين والفنانات وقد ظهر على شاشة التلفزيون العراقي في يوم من الايام مقلداً مختلف الاغاني كشخصية بغدادية غريبة متصلة بالفن، برغم مظهره الخارجي، أ.ا عدو شفتالو اللدود فهو المرحوم حسن حراسة وكان يخافه خوفاً شديداً ويرتجف لمجرد ذكر اسمه وحين يقترب حسن من المقهى بطريق المصادفة فاما ان يهرب شفالتو الى دربونة بيت الشابندر القريبة من المقهى واما ان يختبىء من (الاوجاغ) بحماية حسن عجمي والسبب في ذلك ان المرحوم حسن حراسة قد اشتهر بالمراجل والشقاوة وقد الصقت به قتل سياسية مثل مقتل الكوميسير اليهودي سلمان افندي ومقتل وزير الداخلية و توفيق الخالدي برغم كونه ملتزم للحراسة ولكن التحقيق الطويل الذي اجري معه لم يثبت انه قام بعمل من هذه الاعمال.
تاسعاً الحاج خليل ابراهيم القهوجي الكروي القيسي:
وكان في صباه قهوجياً في قنبر علي مع ابيه واول ما بدأ عمله مستقلاً كان في المدرسة الثانوية المركزية في النصف الثاني من العشرينات ثم انتقل الى دار المعلماني في الثلاثينات وبق هناك حتى استأجر المقهى من الاوقاف في محلة الخشالات على شارع الرشيد لقد كان خليل القهوجي مثلاً للكرم وحسن السلوك واللطف في المعاملة واستمرت صداقته الوثيقة مع جميع الذين عرفوه من طلاب الثانوية ودار المعلمين حتى بعد تخرجهم واشغالهم الوظائف في الدولة المهمة منها وغير الهمة وخصوصاً ضباط الجيش وبقيت علاقاته الوثيقة معهم قائمة حتى تقاعدهم من الخدمة وصارت قهوته مركزأ للاستعلامات ومحطة للبريد والحوالات والامانات مابين بغداد والمحافظات فقد كانت اكثر عناوين الرسائل وعناوين الحوالات المالية ترد وتصدر بواسطة قهوة خليل.
وقد اعتاد رواد القهوة كما اعتاد هو ان يترك التخت مع صينية الواردات مباحة للعموم حتى ان اخاه سلمان وهو من ام يهودية تزوجها ابوه في قنبر علي كان سلمان هذا يترك الصينية تحت رحمة كل من يجلس على التخت وجاء في يوم من الايام احد المزاحمين في المزاد الذي اقيم في مديرية الاوقاف العامة لاستئجار المقهى وزاد على الحجي في الايجار فاستنكر خليل ذلك واستاجر مقهى اخر بجوار المقهى الاول ولكنه لم يستأنس في هذه المقهى وركبته الحسرة والكآبة وترك العمل نهائيا وتوفي الى رحمة الله
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:24 pm من طرف الادارة
» رابط المدونة على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:20 pm من طرف الادارة
» مدونة عربي على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:19 pm من طرف الادارة
» تأملات
الإثنين أبريل 29, 2019 3:35 am من طرف عربي
» اخر نص ساعة
الإثنين أبريل 29, 2019 3:34 am من طرف عربي
» اختلاف
الإثنين أبريل 29, 2019 3:32 am من طرف عربي
» الاحتلال
الثلاثاء أكتوبر 10, 2017 2:21 am من طرف عربي
» رجال كبار
السبت أغسطس 12, 2017 7:58 pm من طرف عربي
» صراع الحكم في الغابة
السبت يونيو 24, 2017 8:08 am من طرف عربي
» طخ حكي
السبت مايو 20, 2017 4:45 am من طرف عربي