د. أيّوب أبو ديّة - ماذا سيحدث للأرض إذا ارتفعت درجة حرارتها عدة درجات سلسيوسية؟ لقد ارتفعت درجة حرارة الأرض نحو درجة سلسيوسية واحدة خلال قرنين من الزمن، أي منذ الثورة الصناعية الكبرى في نهاية القرن الثامن عشر. فما الذي حدث من تغيرات في أحوال الأرض خلال العقود الأخيرة؟
يتذكر الكثيرون في الستينيات والسبعينات أننا كنا نقطف العنب البكري الذي لا بذور فيه نحو منتصف شهر تموز، وذلك في مناطق الشفا المرتفعة، أسوة بالمثل الشعبي القائل: «في تموز حط العنب بالكوز». أما اليوم فنحن نقطف العنب المبكر في نهاية شهر حزيران من كل عام. كذلك يبدأ التين في النضوج في الشفا مبكراً عما عهدناه منذ عقود.
لقد حدث هذا التغير خلال عقدين أو عقود ثلاثة فقط؛ ولما كان التغير المناخي يتسارع فإن العلماء باتوا يتوقعون أنه في نهاية القرن الحادي والعشرين ربما ترتفع درجة الحرارة إلى 6 درجات، فما سيناريوهات هذه التحولات التي سوف نشهدها في العقود القادمة؟
لنستعرض أولاً الكوارث التي تحدث حول العالم نتيجة التغير المناخي بفعل ارتفاع درجة حرارة الأرض درجة سلسيوسية واحدة فقط، ثم ننطلق بعدها لنعاين توقعات العلماء بالكوارث التي سوف تحل بنا بارتفاع درجة الحرارة أكثر فأكثر حتى نصل إلى 6 درجات سلسيوسية؛ وهي توقعات غير مبالغ فيها إطلاقاً إذا استمر تلويث الأرض على النحو الذي هو عليه اليوم.
قبل 18000 سنة تعرضت الأرض لعصر جليدي تدنت فيه درجة الحرارة في الجو نحو ست درجات سلسيوسية، وكانت مناطق مثل أكسفورد في إنجلترا غير قابلة للعيش فيها، حيث أحاطت بها جبال جليدية عظيمة. وعندما بدأت الحرارة ترتفع تم التغير عبر ألوف السنين، ولذلك استطاعت الحياة على الأرض أن تتأقلم؛ أما اليوم فإن التغير يتم خلال عقود ولا يسمح بالتأقلم المطلوب.
يستعرض برنامج ناشونال جيوغرافيك الحال كما هي عليه اليوم، ففي عام 2001، على سبيل المثال، أمضى كثير من الاستراليين عيد ميلاد أسود بعد أن شبت الحرائق هناك على نحو غير مسبوق في تاريخها الحديث والتهمت النيران الغابات والبيوت.
على الساحل الشرقي لاستراليا، شب أكثر من تسعمئة حريق في الغابات المحيطة بمدينة سيدني، حيث حدثت الحرائق في مناطق لم تشهدها استراليا من قبل بهذه الشدة. إذ تعرضت منطقة فكتوريا إلى حرائق في أماكن لم تكن متوقعة من قبل، ونزحت أعداد كبيرة من السكان ودمرت منازلهم، بعد أن حاول بعضهم استخدام مخزون برك السباحة من المياه في محاربة الحرائق التي لم توقفها جهودهم العظيمة بمساعدة رجال الأطفاء، وبخاصة لاشتداد الحر وازدياد سرعة الريح، وهي ظاهرة بدأت تتعاظم مؤخراً.
إذا ارتفعت حرارة الأرض درجة سلسيوسية واحدة إضافية عما هو الحال عليه اليوم فإن القطب الشمالي لن يظل فيه جليد لمدة ستة أشهر في السنة، فيما سوف تغرق عشرات الآلاف من المنازل حول خليج البنغال وسوف تتجه الأعاصير صوب المناطق الجنوبية من المحيط الأطلسي، كما سوف يؤدي الجفاف الشديد المتوقع أن يضرب غرب الولايات المتحدة الى نقص شديد في إنتاج الحبوب واللحوم على صعيد عالمي، فضلاً عن ظهور صحارى جديدة في غرب الولايات المتحدة، من تكساس لغاية الحدود الكندية؛ ومن المتوقع نزوح المزارعين وقطعان الماشية إلى مناطق أكثر خصوبة، الأمر الذي سوف يؤدي إلى تدمير الغطاء النباتي في مناطق أوسع، فضلاً عن زيادة الطلب على المياه الصالحة للشرب.
بالمقابل، وفي مناطق أخرى من العالم، وتحديداً تلك الواقعة في شمال الكرة الأرضية، كبريطانيا، فإنها سوف تتمتع بطقس أدفأ يساهم في زراعة محاصيل جديدة لم تكن زراعتها ممكنة من قبل، كمزارع العنب وأشجار الزيتون. فقد تفاجأت برؤية شجرة زيتون في وسط لندن خلال شهر حزيران من عام 2010. وهناك نحو 400 مزرعة عنب مستحدثة في إنجلترا اليوم.
تنتج سنوياً صناعة الهامبر لتغذية الشعب الأمريكي وحده نحو 200 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون. وإذا ما أضفنا أصناف الغذاء الأخرى فإننا نتحدث عن كميات هائلة من الغازات الدفيئة. أضف إلى ذلك حرق الوقود الأحفوري والزراعة ونحو ذلك.
إن رفع مستوى الوعي بالمخاطر القادمة إذا ارتفعت درجة حرارة الأرض نتيجة الإفراط في الاستهلاك البشري على الأصعدة كافة سيساهم بلا شك في خفض الانبعاثات من الغازات الدفيئة.
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:24 pm من طرف الادارة
» رابط المدونة على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:20 pm من طرف الادارة
» مدونة عربي على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:19 pm من طرف الادارة
» تأملات
الإثنين أبريل 29, 2019 3:35 am من طرف عربي
» اخر نص ساعة
الإثنين أبريل 29, 2019 3:34 am من طرف عربي
» اختلاف
الإثنين أبريل 29, 2019 3:32 am من طرف عربي
» الاحتلال
الثلاثاء أكتوبر 10, 2017 2:21 am من طرف عربي
» رجال كبار
السبت أغسطس 12, 2017 7:58 pm من طرف عربي
» صراع الحكم في الغابة
السبت يونيو 24, 2017 8:08 am من طرف عربي
» طخ حكي
السبت مايو 20, 2017 4:45 am من طرف عربي