انا والسيارة

كانت عندي سيارة ولاحظوا هنا ان كلمة "كانت" تشير الى الزمن الماضي مما يعني انه ليس لدي الان سيارة.
كنت اقضي حاجياتي بكل يسر وسهولة, فمثلا لو رغبت في شراء بعض المكسرات عند المساء لاتناولها اثناء متابعتي للتلفاز كنت انهض من مكاني واذهب للسوق لاعود بعد نصف ساعة الى نفس المكان.
هذا بالاضافة الى قضاء مشاويري "من مشوار" الضرورية من مثل شراء الخضار والفواكه والدجاج والخبز وباقي اغراض البيت, وخصوصا جرة الغاز حين تنفذ وزيارة الأهل والاقارب.
باختصار كانت السيارة تسهل حياتي وتجعلها اكثر سلاسة.
لكن صدقوني ما كنت اعلم ان السيارة مهمة جدا الى هذا الحد الا حين فقدتها. اصبحت كشخص مريض لا يستطيع ان يغادر البيت وخصوصاً واني اعيش في منطقة نائية حيث ندرة المواصلات بل قل انقطاعها.
مذ فقدت السيارة لازمت البيت وما عدت خرجت منه وقلت علاقاتي الاجتماعية واصبحت زياراتي لاهلي نادرة جداً.
وفي الحقيقة اكتشفت ان كثير من الناس الذين كنت اعرفهم ما عدت اعرفهم فما عاد هاتفي يرن كالعادة من احدهم طالباً مني ان اقله الى المكان "الفلاني" "او العلاني"!
امسسيت احسب الف حساب الى خروجي من المنزل وخصوصاً بعد تجربتي الاولى للخروج من دون سيارة, فقد خرجت من بعد حبس بالبيت استمر لايام لاشتري بعض الحاجيات وقلت سأستقل الباص الوحيد في المنطقة مشيت ووصلت الشارع وانتظرت الباص ولكنه لم يأت قلت محدثاً نفسي " سأمشي الى ان يأتي الباص" وبالفعل مشيت ومشيت ومشيت الى ان قطعت نصف الطريق ووصلت الى منطقة اخرى المواصلات فيها ايسر. وعانيت من هذا "المشوار" ليومين فاثار التعب بقيت ملازمة لي.
تعلمت عندها ان اشتري حاجياتي مرة واحدة. وتعرفت على سائقي سيارات الأجرة ووقعت تحت رحمتهم.
تعرضت لمواقف كثيرة شعرت فيها بالعجز, وتندمت كم تندمت على اليوم الذي تنازلت فيه عن السيارة بعدم صيانتها مما ادى الى خرابها وعدم صلاحيتها. فقدت سيارتي بسب اهمالي لها وعدم تقديري لقيمتها وها انا اليوم اعاني من اهمالي لها.
لم اكتب اليوم لأتحدث عن فقداني لسيارتي وكيف أمسى حالي من دونها وكيف امسيت بحاجة من هم حولي ممن يملكون سيارة ليقلوني الى مكان اود الذهاب اليه او لايصالي للسوق, بل كتبت لأقول ان هذا حالي انا وانا شخص واحد قد فقد سيارة فما بالكم بحال امتنا والتي فقدت العراق؟!
فقدنا العراق فامسينا تحت رحمة ايران وتركيا وقوى الاستعمار الطامعة بنا.