الحكمة ضالة المؤمن ..
قصص الحياة كثيرة .. وأكثر القصص مثيرة ..
هذه الإثارة تجعلنا نجد من تلك القصص ما يثبت صحة مثل أو حكمة أو قول مأثور ..
بل ربما مررنا بحادثة أخرجت من أفواهنا كلمات هي في الواقع حِكم لم تسجلها أشهر الموسوعات !! فهذه مجموعة قصصية من واقعنا الماضي والحاضر وعن قريب واقعنا المستقبل !! تمنياتي لكم بالمتعة والفائدة ..
* * * * *
من لم تكن له بداية محرقة .. لم تكن له نهاية مشرقة
قصة واقعية لأحد الطلاب .. تبدأ قصته حين قرر دراسة الحاسب الآلي في عصر التطور والانفتاح ، فسجل في أحد المعاهد مع العلم أنه لم يتعامل مع جهاز كمبيوتر مطلقاً ، لكنه كان يشعر بأنه سيتغلب على جهله تجاه هذا الجهاز ، بل كان يطمح لأن يصبح مبدعاً ومتميزاً في هذا المجال ، وفي بداية تعرفه على جهاز الكمبيوتر ، وفي أول مرة يُمسك بفأرة الكمبيوتر ، ومع نشوة الفرح ، وبعد أن شرح المعلم أساسيات استخدام الحاسب الآلي طلب منهم التطبيق على الأجهزة ، أمسك بالفأرة وبدأ بتحريكها يمنة ويسرة و.. و .. مهلاً فالمؤشر لا ينتقل للأعلى أو الأسفل .. لا مشكله لديه فهو ذكي بل وعبقري !! أمسك بالفأرة ورفعها عن سطح الطاولة ظناً منه بأن المؤشر سينتقل للأعلى ولكن دون فائدة تذكر !! فأخبر المعلم بكل ثقة أن الفأرة لا تعمل جيداً ، فوقف المعلم بجانب هذا الطالب وأمره بمحاولة أخرى أمامه ليبرهن له ذلك ، وبكل ثقة أيضاً حمل صاحبنا الفأرة بقبضته ورفعها في الجو ليثبت للمعلم أن المؤشر لا ينتقل لأعلى الشاشة ، وبالطبع لم ينتقل المؤشر .. وإنما صاحبنا الذي انتقل من نشوة الفرح إلى قمة الإحراج والإحباط !! هذه كانت بدايته أما اليوم فقد أصبح متمكناً من استخدام الكمبيوتر وكافة برامجه وملحقاته من فأرة ولوحة مفاتيح وطابعة وسماعات و .. و .. ، كانت بدايته مُحرقة .. فهاهي النهاية مشرقة !!
من تدخل فيما لا يعنيه .. لقي ما لا يرضيه
روي فيما يروى قصة من قصص السابقين ، أن الأصبهاني نظر إلى أبي هفان وهو يُحدث رجلاً في السر . فقال الأصبهاني : فيم تكذبان ؟ فقال أبو هفان : في مدحك !!
الوحدة خير من جليس السوء
بدأت أحداث قصتنا هذه مع انتقال بطلتها وعائلتها من المدينة التي كانوا يسكنوها إلى مدينة أخرى تبعاً لعمل والدها فقد بُعث عاماً كاملاً لتلك المدينة الأخرى ، وبالطبع انتقلت الفتاة أيضاً إلى إحدى مدارس تلك المدينة ، كان فراق صديقاتها صعبٌ عليها فقد كنّ صديقاتها صالحات ومتفوقات ومتميزات في دراستهن وأخلاقهن النبيلة ، بينما طالبات تلك المدرسة التي التحقت بها كُنّ مشاغبات لا يبالين بالدراسة ، فانتقلت الفتاة إلى مدرسة أخرى ولكن كانت كسابقتها ، وحين لم تجد تلك الفتاة الصديقات المناسِبات ، حاولت ضم هؤلاء المشاغبات الكسالى لصفها واستنفذت محاولاتها لجذبهن ، وحين لم تنجح في ذلك قررت الفتاة الابتعاد عنهن والجلوس وحدها في أوقات الفراغ لتحفظ آيات من القرآن الكريم فتنتفع بها أو تزداد علماً من كتاب مفيد أو تقوم بعمل يعود عليها بالفائدة ، بدلاً من إضاعة الوقت في الجلوس مع من ضرهنّ أقرب من نفعهنّ ، وبالفعل نفّذت الفتاة ما رأته مناسباً واستمرت في وحدتها إلى أن انقضى ذلك العام وعادت هي وأسرتها إلى مدينتهم التي غادروها ، وحين التقت الفتاة بصديقاتها تفاجئن بأنها قد حفظت نصف القرآن الكريم أي أنها حفظت 15 جزءاً ، كما أنها ازدادت تعمقاً في العلوم وأصبحت حصيلة معلوماتها أعلى مما كانت عليه ، وأُصبنّ صديقاتها بالذهول حين علمنّ بقصتها حيث ظننّ أن صديقاتها اللاتي في المدينة الأخرى هن من ساعدنها في ذلك ، لكنها أثبتت لهن صحة الحكمة القائلة : الوحدة خير من جليس السوء .
الصحة تاج على رؤوس الأصحاء .. لا يراه إلا المرضى
هذه قصة فتاة لم تكن تهتم باستغلال لحظات حياتها فهي تؤجل أعمال يسيرة ونفعها عظيم إلى وقت آخر ، متى هو هذا الوقت ؟ لا أحد يعرف !! حتى أذكار الصباح والمساء كانت من مشاريعها المؤجلة إلى أجل غير مسمى !! كانت كثيراً ما تسمع أن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء .. لا يراه إلا المرضى ، ومع أنها كانت توقن بصحة ذلك 100 % إلا أنها لم تشعر بها إلا عندما أصيبت بمرض عضال أقعدها فلم تتمكن بسببه حتى من إتمام اختبارات آخر العام الدراسي ، تقول هذه الفتاة : كنت أستشعر أن تاج الصحة على رؤوس أخوتي ومن يأتي لزيارتي ، حتى كأني أراهم ملوكاً بما يتمتعون به من صحة وعافية ، فهم يذهبون حيث شاءوا ومتى شاءوا ، ويقومون بما أعجز عن القيام به ، فضلاً عن نشاطهم وحيويتهم ، أما أنا فمن شدة الألم والتعب فكأني جثة هامدة فلا حول لي ولا قوة وكم ندمت على تفريطي وأنا في صحتي وقوتي . كان ذلك وأنا مريضة أما حينما تماثلت للشفاء بفضل الله ورحمته ، فقد استفدت كل الفائدة من ذاك المرض ، فبدأت أهتم باستغلال أوقاتي وأستشعر أني من أولئك الذين مَنَّ الله عليهم بتتويجهم بتاج الصحة الذي حُرم منه الكثيرون ، وها أنا أسعى لأسخّر هذه النعمة .. نعمة الصحة فيما يرضي ربي ويعود عليّ بالفائدة , فعلاً الصحة تاج على رؤوس الأصحاء .. لا يراه إلا المرضى !!
في سعة الأخلاق .. كنوز الأرزاق
قصة شاب معروف بكريم أخلاقه وسمو وعزة نفسه ، صحيح أنه لم يكن صاحب أموال إلا أن الكل يعرفه بأنه أحسن أهل البلد أخلاقاً ، وعندما تزوج وزُفت إليه عروسه دخلت بيت الزوجية ، تلفتت يميناً وشمالاً ، استعرضت البيت غرفة غرفة ، ثم أقبلت على زوجها مقطبة الحاجبين ، مكفهرة الوجه وهي لا تزال بثياب عرسها : أهذا بيت أم مسجد ؟؟ إني لم أجد التلفاز حتى أسأل عن الريسيفر ؟؟ كما أنك لم تعلق لي أية صورة ! ما هذا ؟؟ إن بيت أبي خيرٌ لي ..
هكذا قذفت بكلماتها الجارحة في وجه عريسها في ليلة عرسه ، وقد تكبد من الديون ما أثقل كاهله كي يؤمن السكن والأثاث الجديد . لكنه بحزم الرجال وأناة الداعية كان كريماً بخلقه عليها وترفق معها ولاطفها ، أما هي فكان جوابها : أنا لا أعيش بدون تلفاز .. إما أن توفر لي بغيتي أو بيت أبي !!
قال لها بكل ود وصادق محبة : إن رددتك إلى بيت أهلك فماذا سيُقال عنك ؟ لكن لدي حل : أنا الآن مثقل بالديون ، ومرتبي لا يفي بكل المتطلبات فإذا قسمت راتبي شهرياً بين مصاريف البيت والديون استغرق سدادها ثلاثين شهراً ، ولكِ عهد عليّ بعد أن أفي بديني أن أسلمك الراتب كاملاً لتشتري به التلفاز وكل ما يحلو لك .
فوافقت بكل سرور ما دامت ستحقق غايتها ولو بعد حين . وسارت الحياة .. لكن الزوج الرفيق كان قد وضع خطة لهداية زوجته ، اصطحبها أول مرة إلى محاضرة نسائية ، وفي الغد حضرت معه درساً علمياً ، ثم اجتمعت مع زوجات زملائه من الصالحات الخيرات ، فاتفقن أن يلتقين أسبوعياً على فائدة ونفع ، وهكذا تتابعت اللقاءات الهادفة . لم يكن الزوج ينهر زوجته تلك أو يُظهر عيوبها أو يرفع نفسه عليها ، فلاحظ بعد مرور الشهور أن زوجته بدأت تتغير للأفضل ، فلم تعد تكثر الخروج من البيت ، بينما قللت من أوامرها وتذمرها ، فقد أصبحت تترقب اجتماع الأخوات بكل شغف ، وتتلهف لكل شريط دعوي جديد ، أخذت تناقشه في بعض أمور الدين وتستفسر عنها ، ولم تمضي سنة واحدة على زواجهما حتى صارت من أولئك النساء المتميزات بالهمة العالية والأخلاق الفاضلة ، ففرح زوجها بصلاحها أشد الفرح .
ولما تم للزوجة ثلاثون شهراً أنهى الزوج قضاء دينه ، وأراد أن يفي بوعده لها ، فدخل عليها ذات يوم قائلاً : ها هو راتبي كاملاً .. قالت وقد نسيت العهد الذي بينهما : ومالي به ؟!! قال لها : اشتري لك تلفازاً وريسيفراً أنسيتِ الاتفاقية !! فتذكرت وأخبرته أن ما تجده من متعة مع أولئك الأخوات تغنيها عن قنوات الدنيا كلها . العجيب أنه في صباح اليوم التالي ذهب الزوج كعادته للعمل فإذا بالمدير يستدعيه ليبارك له أنه تم اختياره ليكون مشرفاً على القسم الذي كان يعمل به .. أليس في سعة الأخلاق .. كنوز الأرزاق !! فقد كافأه الله عزّ وجلّ بحسن خلقه أن هدى له زوجته وزاده رفعةً في عمله ..
الجزاء .. من جنس العمل
صاحب قصتنا هذه أعتبره أحد الشخصيات الناجحة ، يروي قصته فيقول : كنت في شراكة كبيرة مع شخصان آخران ، وفجأة ودون مقدمات سرق هذان الشريكان كل الأموال التي وصلت إلى ما يقارب مليوني دولار ولاذا بالفرار خارج البلاد ، وبعد أن كنت من طبقة الأغنياء أصبحت بين عشية وضحاها لا أملك حتى البيت الذي أسكنه فهو وما بقي من ممتلكات عينية سيأخذها أصحاب تلك الشركات التي تعاقدت معهم هذا إن سدّ ذلك تلك العقود التي بيننا ، كل ما أملك من أموال كانت في البنوك وسرقت ، لم أجد معي سوى مبلغ ألف دولار وهو لا يكفي لسد اتفاقية واحدة من اتفاقيات تلك الشركات المتعاقدة معي .
أصبت بغم شديد ، فأنا مغترب في هذا البلد وعلى وشك التفليس أيضاً !! ما العمل ؟؟ لم أشعر بنفسي إلا وأنا واقف في صف من صفوف أحد المساجد ، وبعد أن أدّينا الصلاة ، خطب فينا الإمام قائلاً : نأمل أن تتم إصلاحات المسجد وتوسعته ، لكن تبقى مبلغ ألف دولار حتى نبدأ بتلك الإصلاحات ... ، مهلاً كأنه يقصد هذه الألف دولار الذي في جيبي !! بل إنه يتكلم عنها !! هل أعطيه إياها ؟؟ ولمَ لا فهي لا تكفي لتبعدني من السجن وما دامت تفي بالغرض هنا فسأقدمها لله ، قفزت إلى الإمام وقدمتها له خُفية ، وما إن عدت إلى المنزل إلا وجرس الهاتف يرن ، من معي : أنا مدير شركة ( ..... ) بلغني ما أنت فيه وأحببت أن أعرض عليك أن تعمل لدينا مديراً للقسم الفلاني فنحن نرحب بخبراتك وأعدك إن قبلت عرضي هذا بأن أتكفل بتسديد كل ما عليك من إلتزامات بل سيكون راتبك ضعف ما تطلب . بالطبع قبل صاحبنا العرض الذهبي الذي يسره له ربٌ هو كريم جواد ، فكما اسلم لله وتصدق بما بقي له من مال مع أنه كان في أشد الحاجة فرّج الله عنه وأزاح همّه وغمّه ، وكما قدّم خيراً كان جزاؤه خيراً .. فالجزاء من جنس العمل !!
منقول
قصص الحياة كثيرة .. وأكثر القصص مثيرة ..
هذه الإثارة تجعلنا نجد من تلك القصص ما يثبت صحة مثل أو حكمة أو قول مأثور ..
بل ربما مررنا بحادثة أخرجت من أفواهنا كلمات هي في الواقع حِكم لم تسجلها أشهر الموسوعات !! فهذه مجموعة قصصية من واقعنا الماضي والحاضر وعن قريب واقعنا المستقبل !! تمنياتي لكم بالمتعة والفائدة ..
* * * * *
من لم تكن له بداية محرقة .. لم تكن له نهاية مشرقة
قصة واقعية لأحد الطلاب .. تبدأ قصته حين قرر دراسة الحاسب الآلي في عصر التطور والانفتاح ، فسجل في أحد المعاهد مع العلم أنه لم يتعامل مع جهاز كمبيوتر مطلقاً ، لكنه كان يشعر بأنه سيتغلب على جهله تجاه هذا الجهاز ، بل كان يطمح لأن يصبح مبدعاً ومتميزاً في هذا المجال ، وفي بداية تعرفه على جهاز الكمبيوتر ، وفي أول مرة يُمسك بفأرة الكمبيوتر ، ومع نشوة الفرح ، وبعد أن شرح المعلم أساسيات استخدام الحاسب الآلي طلب منهم التطبيق على الأجهزة ، أمسك بالفأرة وبدأ بتحريكها يمنة ويسرة و.. و .. مهلاً فالمؤشر لا ينتقل للأعلى أو الأسفل .. لا مشكله لديه فهو ذكي بل وعبقري !! أمسك بالفأرة ورفعها عن سطح الطاولة ظناً منه بأن المؤشر سينتقل للأعلى ولكن دون فائدة تذكر !! فأخبر المعلم بكل ثقة أن الفأرة لا تعمل جيداً ، فوقف المعلم بجانب هذا الطالب وأمره بمحاولة أخرى أمامه ليبرهن له ذلك ، وبكل ثقة أيضاً حمل صاحبنا الفأرة بقبضته ورفعها في الجو ليثبت للمعلم أن المؤشر لا ينتقل لأعلى الشاشة ، وبالطبع لم ينتقل المؤشر .. وإنما صاحبنا الذي انتقل من نشوة الفرح إلى قمة الإحراج والإحباط !! هذه كانت بدايته أما اليوم فقد أصبح متمكناً من استخدام الكمبيوتر وكافة برامجه وملحقاته من فأرة ولوحة مفاتيح وطابعة وسماعات و .. و .. ، كانت بدايته مُحرقة .. فهاهي النهاية مشرقة !!
من تدخل فيما لا يعنيه .. لقي ما لا يرضيه
روي فيما يروى قصة من قصص السابقين ، أن الأصبهاني نظر إلى أبي هفان وهو يُحدث رجلاً في السر . فقال الأصبهاني : فيم تكذبان ؟ فقال أبو هفان : في مدحك !!
الوحدة خير من جليس السوء
بدأت أحداث قصتنا هذه مع انتقال بطلتها وعائلتها من المدينة التي كانوا يسكنوها إلى مدينة أخرى تبعاً لعمل والدها فقد بُعث عاماً كاملاً لتلك المدينة الأخرى ، وبالطبع انتقلت الفتاة أيضاً إلى إحدى مدارس تلك المدينة ، كان فراق صديقاتها صعبٌ عليها فقد كنّ صديقاتها صالحات ومتفوقات ومتميزات في دراستهن وأخلاقهن النبيلة ، بينما طالبات تلك المدرسة التي التحقت بها كُنّ مشاغبات لا يبالين بالدراسة ، فانتقلت الفتاة إلى مدرسة أخرى ولكن كانت كسابقتها ، وحين لم تجد تلك الفتاة الصديقات المناسِبات ، حاولت ضم هؤلاء المشاغبات الكسالى لصفها واستنفذت محاولاتها لجذبهن ، وحين لم تنجح في ذلك قررت الفتاة الابتعاد عنهن والجلوس وحدها في أوقات الفراغ لتحفظ آيات من القرآن الكريم فتنتفع بها أو تزداد علماً من كتاب مفيد أو تقوم بعمل يعود عليها بالفائدة ، بدلاً من إضاعة الوقت في الجلوس مع من ضرهنّ أقرب من نفعهنّ ، وبالفعل نفّذت الفتاة ما رأته مناسباً واستمرت في وحدتها إلى أن انقضى ذلك العام وعادت هي وأسرتها إلى مدينتهم التي غادروها ، وحين التقت الفتاة بصديقاتها تفاجئن بأنها قد حفظت نصف القرآن الكريم أي أنها حفظت 15 جزءاً ، كما أنها ازدادت تعمقاً في العلوم وأصبحت حصيلة معلوماتها أعلى مما كانت عليه ، وأُصبنّ صديقاتها بالذهول حين علمنّ بقصتها حيث ظننّ أن صديقاتها اللاتي في المدينة الأخرى هن من ساعدنها في ذلك ، لكنها أثبتت لهن صحة الحكمة القائلة : الوحدة خير من جليس السوء .
الصحة تاج على رؤوس الأصحاء .. لا يراه إلا المرضى
هذه قصة فتاة لم تكن تهتم باستغلال لحظات حياتها فهي تؤجل أعمال يسيرة ونفعها عظيم إلى وقت آخر ، متى هو هذا الوقت ؟ لا أحد يعرف !! حتى أذكار الصباح والمساء كانت من مشاريعها المؤجلة إلى أجل غير مسمى !! كانت كثيراً ما تسمع أن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء .. لا يراه إلا المرضى ، ومع أنها كانت توقن بصحة ذلك 100 % إلا أنها لم تشعر بها إلا عندما أصيبت بمرض عضال أقعدها فلم تتمكن بسببه حتى من إتمام اختبارات آخر العام الدراسي ، تقول هذه الفتاة : كنت أستشعر أن تاج الصحة على رؤوس أخوتي ومن يأتي لزيارتي ، حتى كأني أراهم ملوكاً بما يتمتعون به من صحة وعافية ، فهم يذهبون حيث شاءوا ومتى شاءوا ، ويقومون بما أعجز عن القيام به ، فضلاً عن نشاطهم وحيويتهم ، أما أنا فمن شدة الألم والتعب فكأني جثة هامدة فلا حول لي ولا قوة وكم ندمت على تفريطي وأنا في صحتي وقوتي . كان ذلك وأنا مريضة أما حينما تماثلت للشفاء بفضل الله ورحمته ، فقد استفدت كل الفائدة من ذاك المرض ، فبدأت أهتم باستغلال أوقاتي وأستشعر أني من أولئك الذين مَنَّ الله عليهم بتتويجهم بتاج الصحة الذي حُرم منه الكثيرون ، وها أنا أسعى لأسخّر هذه النعمة .. نعمة الصحة فيما يرضي ربي ويعود عليّ بالفائدة , فعلاً الصحة تاج على رؤوس الأصحاء .. لا يراه إلا المرضى !!
في سعة الأخلاق .. كنوز الأرزاق
قصة شاب معروف بكريم أخلاقه وسمو وعزة نفسه ، صحيح أنه لم يكن صاحب أموال إلا أن الكل يعرفه بأنه أحسن أهل البلد أخلاقاً ، وعندما تزوج وزُفت إليه عروسه دخلت بيت الزوجية ، تلفتت يميناً وشمالاً ، استعرضت البيت غرفة غرفة ، ثم أقبلت على زوجها مقطبة الحاجبين ، مكفهرة الوجه وهي لا تزال بثياب عرسها : أهذا بيت أم مسجد ؟؟ إني لم أجد التلفاز حتى أسأل عن الريسيفر ؟؟ كما أنك لم تعلق لي أية صورة ! ما هذا ؟؟ إن بيت أبي خيرٌ لي ..
هكذا قذفت بكلماتها الجارحة في وجه عريسها في ليلة عرسه ، وقد تكبد من الديون ما أثقل كاهله كي يؤمن السكن والأثاث الجديد . لكنه بحزم الرجال وأناة الداعية كان كريماً بخلقه عليها وترفق معها ولاطفها ، أما هي فكان جوابها : أنا لا أعيش بدون تلفاز .. إما أن توفر لي بغيتي أو بيت أبي !!
قال لها بكل ود وصادق محبة : إن رددتك إلى بيت أهلك فماذا سيُقال عنك ؟ لكن لدي حل : أنا الآن مثقل بالديون ، ومرتبي لا يفي بكل المتطلبات فإذا قسمت راتبي شهرياً بين مصاريف البيت والديون استغرق سدادها ثلاثين شهراً ، ولكِ عهد عليّ بعد أن أفي بديني أن أسلمك الراتب كاملاً لتشتري به التلفاز وكل ما يحلو لك .
فوافقت بكل سرور ما دامت ستحقق غايتها ولو بعد حين . وسارت الحياة .. لكن الزوج الرفيق كان قد وضع خطة لهداية زوجته ، اصطحبها أول مرة إلى محاضرة نسائية ، وفي الغد حضرت معه درساً علمياً ، ثم اجتمعت مع زوجات زملائه من الصالحات الخيرات ، فاتفقن أن يلتقين أسبوعياً على فائدة ونفع ، وهكذا تتابعت اللقاءات الهادفة . لم يكن الزوج ينهر زوجته تلك أو يُظهر عيوبها أو يرفع نفسه عليها ، فلاحظ بعد مرور الشهور أن زوجته بدأت تتغير للأفضل ، فلم تعد تكثر الخروج من البيت ، بينما قللت من أوامرها وتذمرها ، فقد أصبحت تترقب اجتماع الأخوات بكل شغف ، وتتلهف لكل شريط دعوي جديد ، أخذت تناقشه في بعض أمور الدين وتستفسر عنها ، ولم تمضي سنة واحدة على زواجهما حتى صارت من أولئك النساء المتميزات بالهمة العالية والأخلاق الفاضلة ، ففرح زوجها بصلاحها أشد الفرح .
ولما تم للزوجة ثلاثون شهراً أنهى الزوج قضاء دينه ، وأراد أن يفي بوعده لها ، فدخل عليها ذات يوم قائلاً : ها هو راتبي كاملاً .. قالت وقد نسيت العهد الذي بينهما : ومالي به ؟!! قال لها : اشتري لك تلفازاً وريسيفراً أنسيتِ الاتفاقية !! فتذكرت وأخبرته أن ما تجده من متعة مع أولئك الأخوات تغنيها عن قنوات الدنيا كلها . العجيب أنه في صباح اليوم التالي ذهب الزوج كعادته للعمل فإذا بالمدير يستدعيه ليبارك له أنه تم اختياره ليكون مشرفاً على القسم الذي كان يعمل به .. أليس في سعة الأخلاق .. كنوز الأرزاق !! فقد كافأه الله عزّ وجلّ بحسن خلقه أن هدى له زوجته وزاده رفعةً في عمله ..
الجزاء .. من جنس العمل
صاحب قصتنا هذه أعتبره أحد الشخصيات الناجحة ، يروي قصته فيقول : كنت في شراكة كبيرة مع شخصان آخران ، وفجأة ودون مقدمات سرق هذان الشريكان كل الأموال التي وصلت إلى ما يقارب مليوني دولار ولاذا بالفرار خارج البلاد ، وبعد أن كنت من طبقة الأغنياء أصبحت بين عشية وضحاها لا أملك حتى البيت الذي أسكنه فهو وما بقي من ممتلكات عينية سيأخذها أصحاب تلك الشركات التي تعاقدت معهم هذا إن سدّ ذلك تلك العقود التي بيننا ، كل ما أملك من أموال كانت في البنوك وسرقت ، لم أجد معي سوى مبلغ ألف دولار وهو لا يكفي لسد اتفاقية واحدة من اتفاقيات تلك الشركات المتعاقدة معي .
أصبت بغم شديد ، فأنا مغترب في هذا البلد وعلى وشك التفليس أيضاً !! ما العمل ؟؟ لم أشعر بنفسي إلا وأنا واقف في صف من صفوف أحد المساجد ، وبعد أن أدّينا الصلاة ، خطب فينا الإمام قائلاً : نأمل أن تتم إصلاحات المسجد وتوسعته ، لكن تبقى مبلغ ألف دولار حتى نبدأ بتلك الإصلاحات ... ، مهلاً كأنه يقصد هذه الألف دولار الذي في جيبي !! بل إنه يتكلم عنها !! هل أعطيه إياها ؟؟ ولمَ لا فهي لا تكفي لتبعدني من السجن وما دامت تفي بالغرض هنا فسأقدمها لله ، قفزت إلى الإمام وقدمتها له خُفية ، وما إن عدت إلى المنزل إلا وجرس الهاتف يرن ، من معي : أنا مدير شركة ( ..... ) بلغني ما أنت فيه وأحببت أن أعرض عليك أن تعمل لدينا مديراً للقسم الفلاني فنحن نرحب بخبراتك وأعدك إن قبلت عرضي هذا بأن أتكفل بتسديد كل ما عليك من إلتزامات بل سيكون راتبك ضعف ما تطلب . بالطبع قبل صاحبنا العرض الذهبي الذي يسره له ربٌ هو كريم جواد ، فكما اسلم لله وتصدق بما بقي له من مال مع أنه كان في أشد الحاجة فرّج الله عنه وأزاح همّه وغمّه ، وكما قدّم خيراً كان جزاؤه خيراً .. فالجزاء من جنس العمل !!
منقول
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:24 pm من طرف الادارة
» رابط المدونة على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:20 pm من طرف الادارة
» مدونة عربي على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:19 pm من طرف الادارة
» تأملات
الإثنين أبريل 29, 2019 3:35 am من طرف عربي
» اخر نص ساعة
الإثنين أبريل 29, 2019 3:34 am من طرف عربي
» اختلاف
الإثنين أبريل 29, 2019 3:32 am من طرف عربي
» الاحتلال
الثلاثاء أكتوبر 10, 2017 2:21 am من طرف عربي
» رجال كبار
السبت أغسطس 12, 2017 7:58 pm من طرف عربي
» صراع الحكم في الغابة
السبت يونيو 24, 2017 8:08 am من طرف عربي
» طخ حكي
السبت مايو 20, 2017 4:45 am من طرف عربي