الوحدة الاخبارية .....
في آذار من العام 2007 ذكر الصحافي سيمور هيرش أن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط ستركز على مواجهة سورية وإيران وحلفائهما بأي ثمن..
وقد أُقرت هذه السياسة بعد الانتصار النوعي الكبير الذي حققته المقاومة في لبنان في حرب تموز 2006، وكان العنصر الأساسي فيها اتفاق بين ديك تشيني؛ نائب الرئيس الأميركي السابق، ومستشار الأمن القومي اليوت أبرامز، ومستشار الأمن القومي السعودي بندر بن سلطان، بحيث يقوم السعوديون بدعم منظمة "فتح الإسلام" مادياً في لبنان لمواجهة حزب الله.
وأشار هيرش يومها إلى أن الوضع الآن يشبه كثيراً الصراع في أفغانستان في الثمانينات، حيث برزت القاعدة بنفس الطريقة، وبدعم نفس الأشخاص، وبنفس النموذج، مع استعمال "الجهاديين" الذين أكدت السعودية أنهم تحت سيطرتها، وأنها تستطيع دائماً السيطرة عليهم.
وكان هيرش قد كتب في 26 شباط 2007، أن الحكومة الأميركية اتخذت قراراً بأن تتحرك ليس فقط ضد إيران وضد حزب الله، إنما أيضاً ضد الرئيس السوري بشار الأسد.
ولفت هيرش وقتها إلى أن بندر بن سلطان طمأن الأميركيين بقوله لهم: "لا تقلقوا، فالمجموعات الجهادية ليست ضد أميركا، إنما هي ضد نصر الله، وضد بشار الأسد، وضد إيران".
وإذا كان اللبنانيون قد خبروا كل التطورات بعد حرب مخيم نهر البارد، إلى أحداث 7 أيار 2008، إلى تفاصيل سخيفة ومملة عن المحكمة الدولية، وتصرفات دانيال بيلمار، فإن كلها كانت تصب في استهداف المقاومة وحزب الله، وكل تيارات المقاومة والممانعة في لبنان، لتحويل لبنان شوكة في الخاصرة السورية، في خطة استهداف الدولة الوطنية والنظام التقدمي في دمشق.
واليوم، تحطمت الكثير من حلقات المؤامرة على سورية، والتي امتدت 14 شهراً من المواجهة مع مختلف القوى المتآمرة على سورية، وانفضاح الكثير من فصولها التي وُظفت لها كل أشكال الدعم المالي التي وصلت بالشيخ القطري قبل نحو ثمانية أشهر إلى حد إعلانه أنه مستعد لتوظيف مئة مليار دولار لهذه المهمة، ثم استدعت الحشد المباشر لكل قوى الشر في ما يسمى "مؤتمر أصدقاء سورية"، الذي تنقّل بين تونس واسطنبول وباريس، لكسر "بيضة الزمن"، كما كان يطلق قديماً على بلاد الشام، ليتطور الدعم للمعارضات السورية إلى مختلف الأشكال المادية والعسكرية والبشرية، ما اضطر الدبلوماسية السعودية المهزوزة، والتي تتميز عادة بالصمت وقلة الكلام، لأن تخرج عن طورها وصمتها وعادتها، وتعلن عن تقديمها الدعم المالي والمادي من أجل "حرية الشعب السوري"، و"الديمقراطية في سورية"، وهي الدولة المشهورة بتسامحها لدرجة أن فيها أكبر مصنع في العالم لصناعة الأطراف الاصطناعية، نتيجة ما تصدره من أحكام ظالمة وباطلة بقطع الأيدي، وفيها أكثر من مئة ألف سجين رأي لا يعرف أحد مصيرهم ومكان أسرهم، لكن النضالي المتآمرة تكسرت على نصال الشعب والجيش السوري ومواجهتهما الأسطورية.
فالمراهنات على إسقاط الدولة الوطنية قد فشلت، وأصبح الحلف المعادي لسورية في مواقع حرجة جداً، ما جعل الأتراك يعلنون بصورة حازمة أنهم غير قادرين على إقامة مناطق عازلة أو آمنة على حدودهم مع سورية، حتى أعلنوا أن العميل الارهابي رياض الأسعد لم يعد موجوداً على الأراضي التركية، في وقت ترددت معلومات أنه صار في الشمال اللبناني، وبالتالي فلربما يريد هذا "الأسعد" أن يطلع على تراث زميله الرائد اللبناني العميل سعد حداد؛ قائد ما كان يسمى "الجيش اللبناني الحر"، الذي كان مدعوماً من الكيان الصهيوني، وكانت نهايته بأن سرطنته تل أبيب، وعيّنت مكانه العميل أنطوان لحد.
بأي حال، فإن الإستراتيجية الأميركية بعد تحطم العديد من حلقات المؤامرة على سورية، تعتمد الأسلوب الإجرامي الذي درجت عليه، بتصعيد وتيرة القتل الجماعي عبر أعمال التفجير الانتحارية الإجرامية والقتل الواسع، الذي حشدت له بدعم عربي وخليجي كل الإمكانيات، واستحضار قوى تكفيرية من العديد من الدول لقتل الشعب السوري، تجلت في أحد مظاهرها باستقدام أكثر من 500 شاب تونسي جاءوا إلى ليبيا للبحث عن فرصة عمل، فقُدمت لهم إغراءات كبرى للقتال في سورية، حيث تم قتل العديد منهم، واعتقال البعض الآخر، فيما عُلم أن البعض الآخر عالق بين "شقوفين"؛ فإذا استمر في المعركة سيلقى القتل أو الأسر، وهو يتمنى الأمر الآخر، ومستعد لفعله عند أي لحظة تسمح له بذلك، وإذا ما قرر ترك المعركة والانسحاب فإن زمر الإرهاب ستصفّيه، وقد حصل ذلك فعلاً مع العديد من المغرَّر بهم.
أمام المأزق الذي وصل إليه حلف التآمر على سورية، لم يبق أمامه إلا من يصفهم جيفري فيلتمان في مجالسه الخاصة بـ"قاصري النظر"، والذين دعاهم في آخر زيارة له إلى بيروت لأن "يبرهنوا لأميركا عن تضحياتهم من أجل واشنطن، ومن أجل مصالحهم".
وإذا كانوا قد أبدوا كعادتهم الحماسة لسيدهم، فقد كان لافتاً للنظر تحرك الصهيوني جوزيف ليبرمان نحو عكار، وتحرك مجموعة "14 آذار 1978" نحو عرسال في البقاع الشمالي، حيث بدأت تحركات مشبوهة، خصوصاً بعد اكتشاف باخرة "لطف الله 2"، وبعد إعلان الأمن العام عن الشبكة الإرهابية، ثم كان ما كشفه السفير السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري، والذي جاء بمنزلة "جرس إنذار"، ومن باب الحرص السوري على لبنان، لكن القوى المنخرطة في المؤامرة على سورية من لبنان، ذهبت إلى المدى الأقصى في العداء نحو دمشق، لأن واشنطن قد أعطتهم جرعة دعم كبرى بإعلامهم أنها اختارت شمال لبنان ليكون المنفذ الاستراتيجي لتطبيق خطتها ضد سورية، لكن المفارقة التي كان قد عبّر عنها أحدهم بأنه وجد فيلتمان محبطاً، لأنه أعلن بصراحة في زيارته الأخيرة لأتباعه اللبنانيين عدم قدرة إدارته في الأشهر المقبلة على إسقاط سورية وقيادتها، لكنه، ومن باب رفع المعنويات ليس إلا، أشار إلى أن واشنطن لا تحتمل في هذه الأثناء الاعتراف بالعجز أو الهزيمة، وبالتالي فهي بحاجة إلى الساحة اللبنانية من أجل كسب الوقت، وإبعاد الكأس الدمشقية المُرة عن الفم الأميركي، ما يعني أن واشنطن لن تمنح لسورية إعلان النصر، خصوصاً أنها دخلت في مرحلة المفاوضات مع إيران، حيث تشير المعطيات إلى استسلام أميركي لأمر واقع إيران النووي، ما يعني أن هذه المفاوضات تطال ملفات الطاقة والنفط، أي بالتحديد ملف مصير دول الخليج العربي، التي لا تجد الآن أمامها سوى الخضوع لسيدها الأميركي، إذ إنه وفق المعلومات الإعلامية المتداولة، أوعز إلى المخابرات الخليجية المتورطة في الحرب والمؤامرة على سورية انطلاقاً من لبنان، للمباشرة بسحب ضباطها، وطبقاً لمعلومات نقلها مقربون من وليد جنبلاط، فإن الولايات المتحدة انتقلت من الحرب على الرئيس بشار الأسد إلى مرحلة التفاوض معه، تحت رعاية روسيا.
لكن المصادر الجنبلاطية تتساءل هنا عن إمكانية التفويض الذي يمكن أن يُعطى للأسد، من أجل لملمة موجة التطرف الإرهابي الذي يطل برأسه من الشمال..
الخلاصة التي قد لا يفهمها الوهابيون وإفرازاتهم في لبنان، هي أن الحرب الأميركية - الكونية على سورية أخفقت، وعلى فشلها ثمة توازن جديد يجب الاعتراف به والتعامل معه..
تابعوا جيداً خطابات ومواقف قيصر روسيا فلاديمير بوتين.
تابعوا جيداً المفاوضات مع إيران حول ملفها النووي في بغداد.
قد يكون صعباً جداً على قوى المغامرة اللبنانية، في لحظة ارتباك العقل، إجراء حسابات الربح والخسارة، فثمة من يراهن على المحادثات السرية التي تجري بين أنقرة وتل أبيب، من دون أن يدري أن أردوغان أصبح في ربع الساعة الأخيرة من مرحلة البحث عن المصير.. فماذا يتذكر الرجل العليل؛ كمال أتاتورك أم عدنان مندريس؟ ربما كان أقرب إلى الأخير.
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:24 pm من طرف الادارة
» رابط المدونة على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:20 pm من طرف الادارة
» مدونة عربي على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:19 pm من طرف الادارة
» تأملات
الإثنين أبريل 29, 2019 3:35 am من طرف عربي
» اخر نص ساعة
الإثنين أبريل 29, 2019 3:34 am من طرف عربي
» اختلاف
الإثنين أبريل 29, 2019 3:32 am من طرف عربي
» الاحتلال
الثلاثاء أكتوبر 10, 2017 2:21 am من طرف عربي
» رجال كبار
السبت أغسطس 12, 2017 7:58 pm من طرف عربي
» صراع الحكم في الغابة
السبت يونيو 24, 2017 8:08 am من طرف عربي
» طخ حكي
السبت مايو 20, 2017 4:45 am من طرف عربي