· قلق و ارتباك في دمشق... الارهاب يضرب بقسوة و الهدف تعويض الفشل العسكري و اظهار النظام بصورة الضعيف المتهاوي, و الأخطر أنه تصويره بالنظام الذي لم يعد قادراً على حماية شعبه.
مع تزايد الهجمات الارهابية في سوريا دخلت سوريا الى نفق مظلم جديد قد يصعب الخروج منه في المستقبل القريب. و يبدو أن الأهداف المرجوة من الهجمات الارهابية العبثية التي تستهدف المدنيين قد بدأت تًأتي أكلها فعلاً على الأرض. حالة الخوف و القلق بدأت تتزايد حتى في اوساط المقربين من الدوائر السياسية السورية, و العمليات الارهابية الأخيرة عملت على زعزعة صورة النظام حتى بين حلفاءه.
البحث عن منطقة "عازلة جديدة"
المعلومات الواردة من تركيا تشير الى انحسار خيار فرض منطقة عازلة على الحدود التركية ضمن الطرق العسكرية التقليدية, خصوصاً بعد ان شعرت تركيا بحجم الورطة التي أدخلها فيها حلفاءها بالاضافة الى الثمن الباهظ الذي قد تضطر أن تدفعه أنقرة وحيدة. هذا الأمر قد يدفع بعض الأطراف الى التفكير الجدي بخلق منطقة عازلة من طراز جديد. فخلق مثل هذه المنطقة من اجل مواجهة عسكرية مباشرة مع الجيش السوري لم يعد وارداً, لهذا فقد يتم التفكير الجدي بضرورة إيجاد مسوغات جديدة اكثر منطقية من اجل خلق منطقة عازلة بأسلوب جديد. المسوغ الجديد لإنشاء المنطقة العازلة قد يتم عن طريق الدفع بمقاتلي الجماعات الاسلامية نحو منطقة حدودية معينة و العمل على حصرهم فيها, بحيث يتم تصوير المشهد على انه تحول مرفوض تماما من قبل المجتمع الدولي نظراً للخطر المترتب على انشاء مثل هذه الامارات الإرهابية على الأمن الإقليمي و العالمي. الملفت للنظر ان الصحافة العالمية بدأت -مؤخراً- بتغطية الممارسات غير الانسانية لهذه الجماعات و التركيز على انتشار نفوذها و الخطر المترتب على مثل هذا "الانتشار الارهابي". لهذا قد تصبح فكرة المنطقة العازلة الجديدة اليوم منطقية جداً, نظراً لضرورة فتح ممرات انسانية تهدف الى انقاذ المواطنين السوريين من جهة, و توفير الحماية لهم من جهة أخرى, بعد أن عجز نظامهم السياسي على حفظ الأمن. هذا النوع من المناطق قد يتجنب فكرة المواجهة مع الجيش السوري, و يقدم المسوغ الانساني للتدخل العسكري لكنه بلا شك يتطلب الزج باحد جيوش الدول المحاذية لسوريا في هذا السيناريو.
على الصعيد الدبلوماسي, أخضعت الولايات المتحدة المعارضة السورية مؤخراً الى عملية "غربلة" هدفت الى الابقاء على حلفاءها الأقرب ضمن فريق "المعارضة السورية الجديدة الموحدة" ذات الطابع الأخواني. تسعى الولايات المتحدة من هذه الخطوة الى أمور عدة, أهمها, انتزاع اعتراف دولي سريع بهذه المعارضة بصفتها الممثل الرئيسي عن الشعب السوري, و من ثم تأسيس حكومة انتقالية و زرعها على أرض المنطقة العازلة التي سيتم استحداثها, بهذه الطريقة تؤسس الولايات المتحدة للتسوية السياسية القادمة في سوريا بطريقة ضاغطة و ضامنة لمصالحها الاستراتيجية. فامتلاكها لمرجعية حكومة انتقالية مزروعة على أرض سوريا هو الورقة الأقوى لفرض الرؤية الأمريكية القادمة. أغلب التقارير الاستراتيجية ترشح منطقة درعا لاحتضان هذا المشروع, و يبدو ان البريطانيين انفسهم دخلوا على خط اللعبة مؤخراً, فالحراك البريطاني الأخير يشير ان بريطانيا هي العراب الرئيسي لهذه الخطة. فبعد كل المغامرات "الفرنسية –الخليجية" الفاشلة, يبدو ان الولايات المتحدة لم تجد الا شريكها الاستراتيجي التاريخي "البريطاني" للتحالف معه بصفته الأقدر على فهم تركيبة المنطقة و الأقدر على الوصول الى شكل تسوية سياسية تضمن المصالح الأمريكية. بعض المحللين يرى في طريقة خروج الجنرال بتريوس من رئاسة جهاز المخابرات الأمريكية رسالة قوية بأن الولايات المتحدة بدأت تنساق الى خطوات عملية على الأرض تهدف الى انهاء النظام السوري, حيث يعتبر الجنرال بتريوس الأكثر تحفظاً و حذراً من أي دور امريكي على الأرض في سوريا.
اذاً باختصار, هناك حراك امريكي- بريطاني يسعى الى فرض رؤيته للتسوية في سوريا على الأرض, و سيناريو فرض المنطقة العازلة على طريقة بنغازي في ليبيا بدأ يُرشح درعا للعب مثل هذا الدور. هذا قد يضع الأردن امام تحديات خطيرة, فالعزوف التركي عن لعب هذا الدور يجب أن يعزز القناعة الأردنية بضرورة تجنب مثل هذا السيناريو, و الذي يتعارض مع المصلحة القومية و الأمنية الأردنية الحالية و المستقبلية. في هذه الأثناء ينتظر الجميع شكل الموقف الروسي و الرد المتوقع من موسكو. الضغط الأمريكي البريطاني بدأ يحاصر روسيا دبلوماسياً, العراق يوقف العمل بالاتفاقية العسكرية مع موسكو, زيارة وزير الخارجية الروسي لافرووف الى عمان, لم تكد تنتهي حتى تبعتها -بساعات قليلة- زيارة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. لم يرشح الكثير من مضامين الزيارتين, الا أن الحدث الأبرز ارتبط بالحديث عن نية بريطانية للتدخل العسكري و الانساني في سوريا.
خطر توسع الأزمة السورية يتعاظم, و تزداد كذلك احتمالية انتشار الفوضى في المنطقة, لهذا قد تتطلب المصلحة الاستراتيجية الأردنية الحفاظ على حالة التوازن و عدم الانسياق في مشاريع ضبابية قد تتجاوز كلفتها المستقبلية كل التوقعات.
د.عامر السبايلة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
مع تزايد الهجمات الارهابية في سوريا دخلت سوريا الى نفق مظلم جديد قد يصعب الخروج منه في المستقبل القريب. و يبدو أن الأهداف المرجوة من الهجمات الارهابية العبثية التي تستهدف المدنيين قد بدأت تًأتي أكلها فعلاً على الأرض. حالة الخوف و القلق بدأت تتزايد حتى في اوساط المقربين من الدوائر السياسية السورية, و العمليات الارهابية الأخيرة عملت على زعزعة صورة النظام حتى بين حلفاءه.
البحث عن منطقة "عازلة جديدة"
المعلومات الواردة من تركيا تشير الى انحسار خيار فرض منطقة عازلة على الحدود التركية ضمن الطرق العسكرية التقليدية, خصوصاً بعد ان شعرت تركيا بحجم الورطة التي أدخلها فيها حلفاءها بالاضافة الى الثمن الباهظ الذي قد تضطر أن تدفعه أنقرة وحيدة. هذا الأمر قد يدفع بعض الأطراف الى التفكير الجدي بخلق منطقة عازلة من طراز جديد. فخلق مثل هذه المنطقة من اجل مواجهة عسكرية مباشرة مع الجيش السوري لم يعد وارداً, لهذا فقد يتم التفكير الجدي بضرورة إيجاد مسوغات جديدة اكثر منطقية من اجل خلق منطقة عازلة بأسلوب جديد. المسوغ الجديد لإنشاء المنطقة العازلة قد يتم عن طريق الدفع بمقاتلي الجماعات الاسلامية نحو منطقة حدودية معينة و العمل على حصرهم فيها, بحيث يتم تصوير المشهد على انه تحول مرفوض تماما من قبل المجتمع الدولي نظراً للخطر المترتب على انشاء مثل هذه الامارات الإرهابية على الأمن الإقليمي و العالمي. الملفت للنظر ان الصحافة العالمية بدأت -مؤخراً- بتغطية الممارسات غير الانسانية لهذه الجماعات و التركيز على انتشار نفوذها و الخطر المترتب على مثل هذا "الانتشار الارهابي". لهذا قد تصبح فكرة المنطقة العازلة الجديدة اليوم منطقية جداً, نظراً لضرورة فتح ممرات انسانية تهدف الى انقاذ المواطنين السوريين من جهة, و توفير الحماية لهم من جهة أخرى, بعد أن عجز نظامهم السياسي على حفظ الأمن. هذا النوع من المناطق قد يتجنب فكرة المواجهة مع الجيش السوري, و يقدم المسوغ الانساني للتدخل العسكري لكنه بلا شك يتطلب الزج باحد جيوش الدول المحاذية لسوريا في هذا السيناريو.
على الصعيد الدبلوماسي, أخضعت الولايات المتحدة المعارضة السورية مؤخراً الى عملية "غربلة" هدفت الى الابقاء على حلفاءها الأقرب ضمن فريق "المعارضة السورية الجديدة الموحدة" ذات الطابع الأخواني. تسعى الولايات المتحدة من هذه الخطوة الى أمور عدة, أهمها, انتزاع اعتراف دولي سريع بهذه المعارضة بصفتها الممثل الرئيسي عن الشعب السوري, و من ثم تأسيس حكومة انتقالية و زرعها على أرض المنطقة العازلة التي سيتم استحداثها, بهذه الطريقة تؤسس الولايات المتحدة للتسوية السياسية القادمة في سوريا بطريقة ضاغطة و ضامنة لمصالحها الاستراتيجية. فامتلاكها لمرجعية حكومة انتقالية مزروعة على أرض سوريا هو الورقة الأقوى لفرض الرؤية الأمريكية القادمة. أغلب التقارير الاستراتيجية ترشح منطقة درعا لاحتضان هذا المشروع, و يبدو ان البريطانيين انفسهم دخلوا على خط اللعبة مؤخراً, فالحراك البريطاني الأخير يشير ان بريطانيا هي العراب الرئيسي لهذه الخطة. فبعد كل المغامرات "الفرنسية –الخليجية" الفاشلة, يبدو ان الولايات المتحدة لم تجد الا شريكها الاستراتيجي التاريخي "البريطاني" للتحالف معه بصفته الأقدر على فهم تركيبة المنطقة و الأقدر على الوصول الى شكل تسوية سياسية تضمن المصالح الأمريكية. بعض المحللين يرى في طريقة خروج الجنرال بتريوس من رئاسة جهاز المخابرات الأمريكية رسالة قوية بأن الولايات المتحدة بدأت تنساق الى خطوات عملية على الأرض تهدف الى انهاء النظام السوري, حيث يعتبر الجنرال بتريوس الأكثر تحفظاً و حذراً من أي دور امريكي على الأرض في سوريا.
اذاً باختصار, هناك حراك امريكي- بريطاني يسعى الى فرض رؤيته للتسوية في سوريا على الأرض, و سيناريو فرض المنطقة العازلة على طريقة بنغازي في ليبيا بدأ يُرشح درعا للعب مثل هذا الدور. هذا قد يضع الأردن امام تحديات خطيرة, فالعزوف التركي عن لعب هذا الدور يجب أن يعزز القناعة الأردنية بضرورة تجنب مثل هذا السيناريو, و الذي يتعارض مع المصلحة القومية و الأمنية الأردنية الحالية و المستقبلية. في هذه الأثناء ينتظر الجميع شكل الموقف الروسي و الرد المتوقع من موسكو. الضغط الأمريكي البريطاني بدأ يحاصر روسيا دبلوماسياً, العراق يوقف العمل بالاتفاقية العسكرية مع موسكو, زيارة وزير الخارجية الروسي لافرووف الى عمان, لم تكد تنتهي حتى تبعتها -بساعات قليلة- زيارة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. لم يرشح الكثير من مضامين الزيارتين, الا أن الحدث الأبرز ارتبط بالحديث عن نية بريطانية للتدخل العسكري و الانساني في سوريا.
خطر توسع الأزمة السورية يتعاظم, و تزداد كذلك احتمالية انتشار الفوضى في المنطقة, لهذا قد تتطلب المصلحة الاستراتيجية الأردنية الحفاظ على حالة التوازن و عدم الانسياق في مشاريع ضبابية قد تتجاوز كلفتها المستقبلية كل التوقعات.
د.عامر السبايلة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:24 pm من طرف الادارة
» رابط المدونة على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:20 pm من طرف الادارة
» مدونة عربي على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:19 pm من طرف الادارة
» تأملات
الإثنين أبريل 29, 2019 3:35 am من طرف عربي
» اخر نص ساعة
الإثنين أبريل 29, 2019 3:34 am من طرف عربي
» اختلاف
الإثنين أبريل 29, 2019 3:32 am من طرف عربي
» الاحتلال
الثلاثاء أكتوبر 10, 2017 2:21 am من طرف عربي
» رجال كبار
السبت أغسطس 12, 2017 7:58 pm من طرف عربي
» صراع الحكم في الغابة
السبت يونيو 24, 2017 8:08 am من طرف عربي
» طخ حكي
السبت مايو 20, 2017 4:45 am من طرف عربي