سياسة البنشرجية

كلما مررت على خليل البنشرجي وجدته مشغولاً برقع احد الثقوب في احد الاطارات, واحيانا حين لا يوجد زبائن اجده جالساً متسمراً امام التلفاز يقلب بين الفضائيات يتابع الاخبار او احدى المسلسلات.
قبل شهرين مررت عليه ليصلح لي احدى اطارات السيارة, وبخفته المعتادة تناول الاطار الذي كنت قد فككته ووضعته في صندوق السيارة, وقام بفحصه ومن ثم وضعه في الماء ثم نادى علي قائلاً "هناك اكثر من ثقب, فسألته هل يعني هذا انه يمكن علاجه ام لا فقال لي انتظر حتى افك الاطار عن النواة الحديدة وبالفعل بعد قيامه بذلك, تفحص الاطار من الداخل وقال لي هناك اربعة ثقوب ولكن هناك ثقب رئيسي يحتاج الى رقعة من نوع خاص تسمى "الترتب"
كانت هذه اول مرة اسمع فيها برقعة الترتب وحين شرح لي خليل البنشرجي عنها قال : انها تسد الثقب الذي لا يمكن سده برقعة عادية وأكد لي انها مكفولة وقام بوضع يده على صدره وقال: " اذا بصير فيها اشي من هون لشهر على اقل تقدير ارجعلي"
المهم اتفقنا على الاجرة وباشر العمل الا انه توقف فجأة وقال "يا استاذ لو سمحت تعال شوف" واذ به ثقب اخر صغير.
اكمل الرجل عمله بحرفيه, فقد كان يعمل بأخلاص. انهى خليل عمله وقام بتركيب الاطار وسارت الامور على خير ما يرام شكرته فحرفيته عوضتني عن ان اشتري اطاراً جديداً.
مر شهرين والاطار يعمل الا انه وبينما كنت اقود السيارة شعرت بثقل وبطيء في السيارة نزلت من السيارة لاتفاجأ ان الاطار نازل. عدت الى خليل البنشرجي الا انه هذه المرة فاجأني بقوله "هذه المرة لا ينفع الرقع ولا حتى رقعة الترتب" هذه المرة تحتاج الى اطار جديد, لانك حتى وان قمت برقع هذا الاطار المنتهي العمر فانك ستفاجأ بثقوب جديدة ستفتح كل يوم والثاني.
يبدو ان الذي اكشتفته انا عن اطار سيارتي اكتشفه من قبلي خليل ولكن يبدو انه هناك من اكتشف الحقيقة قبلي وقبل خليل انه الشعب العراقي الذي بخبرته وحنكته وشجاعته ادرك انه حان الوقت للتغيير ليس لتغيير اطارات سياراتهم العادية انما لتغيير عجلات القيادة السياسية التي لم تعد اكبر رقع العالم تسد الثقوب التي بادت ظاهرة للصغار قبل الكبار. ولا حتى رقعة الترتب ستجدي نفعاً فالحل كما قال خليل "ارمي هالفردة وجيب وحدة جديدة وريح راسك لانها هالفردة القديمة بتوجع راسك كل يوم بتطلعلك بقصة وبتتعبك"