صباح الموسوي
ان ليلة العشرون من نيسان لسنة 1925م ‘لم تكن مجرد ليلة عابرة في تاريخ الأمة العربية أو الشعب العربي الأحوازي‘بل إنها ليلة لذكرى أليمة خدع فيها الجيش الفارسي الغازي أمير الأحواز الشيخ خزعل بن جابر الكعبي ‘ أحد أشهر أمراء زمانه سياسة و أدبا ً و سطوة ‘ وقام باعتقاله غدرا ًليساق أسيرا ً الى طهران مقدمة لاحتلال الأحواز وإسقاط سيادتها العربية وضمها الى الخارطة الإيرانية بعد ان تم تغير اسمها وجميع معالمها التاريخية والحضارية العربية في إطار خطة تفريس عنصرية شملت جميع منح حياة الشعب العربي الأحوازي و استخدمت فيها مختلف أساليب القهر والإذلال ‘السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي، دافعها حقد عنصري وطائفي أعمى دون احترام لقيمة إنسانية أو الدينية ‘ أو اعتبار للعهود والمواثيق الدولية التي تؤكد على ضرورة صون الكرامة الإنسانية و الحقوق القومية للشعوب التي تقع تحت سلطة الدولة المحتلة. وقد ساعد مملكة فارس آنذاك على تنفيذ ما قامت به ‘ صمت معظم الرأي العام العربي ( المشغول بمشاكله الداخلية ) وتواطأ الموقف الدولي الغربي، ساعية بكل جهد وقوة لترسيخ اغتصابها و تركيع الشعب الأحوازي وفرض سيطرتها المطلقة عليه محدثة بذلك خارطة جغرافية سياسية جديدة للمنطقة العربية .
وعلى الرغم من ان ما قامت به فارس لم يكن متعارضا مع رغبة الدول الاستعمارية عامة والبريطانية خاصة في رسم خارطة جديدة للإقليم‘ إلا ان ذلك لم يمنع أطرافاً عربية كانت حديثة الاستقلال من إبداء اعتراضها وشجبها لاغتصاب الأحواز‘ وكانت ابرز مظاهر الاحتجاج العربي آنذاك قد تمثل في موقف المملكة العربية السعودية التي بادرت بقطع علاقاتها مع بلاد فارس احتجاجا على غزو الأحواز واسر الأمير خزعل الذي كانت تربطه علاقات قوية مع الملك عبد العزيز بن سعود ‘(وكانت تلك المرة الأولى التي تقطع فيها المملكة حديثة التأسيس علاقاتها مع دولة آخر ) ‘ كما شهد العراق موجة احتجاجات من قبل الأحزاب والجمعيات السياسية و زعماء عشائر كانت تربطهم بالاحواز والشيخ خزعل علاقات و وشائج اجتماعية وقبلية متينة ‘ فيما لزمت المرجعية الدينية الشيعية وحوزتها ‘المسماة بالعلمية ‘جانب الصمت وتناست كليا ً مواقف الشيخ خزعل الداعمة لها والأموال الطائلة التي كان يغدقها على الحوزة ومرجعياتها التي كانت تكيل له المديح والثناء وتخلع عليه الألقاب والمسميات الملوكية ولكن ما ان أقدمت جيوش فارس على أسره حتى تناست المرجعية الحوزوية كل تلك المواقف وطفقت تمدح " رضا خان بهلوي " الذي أطاح بالحكم القاجاري وأصبح ملكا على فارس بعد أسره الشيخ خزعل واحتلاله الأحواز .
وعلى الرغم من مرور أربعة وثمانون عاماً على تلك الجريمة المشئومة إلا ان السلطات الإيرانية الجائرة ماتزال مستمرة في سياساتها الرامية إلى طمس معالم الأحواز الحضارية و هوية شعبها العربي والسعي لإدخاله في البوتقة الفارسية بعد أن نهبت ثرواته وحرمته من ابسط حقوقه الإنسانية والقومية واستلاب حقه في العيش بحياة حرة وكريمة.
ومن عجائب بعض المستعربين والمتأسلمين ممن أعمتهم الشعارات والدعاية الإعلامية الإيرانية‘ والجاهلين بتاريخ الأحواز و نضالات أبناءها ‘ أنهم يستكثرون على الشعب الأحوازي مطالبته بحقوقه المشروعة معتقدين ان التحرك الأحوازي وليد مرحلة آنية مصدقين ربط هذا التحرك بما يسميه نظام الملالي ( التآمر على الجمهورية الإسلامية ) جاهلين كليا ً ان للشعب الأحوازي تاريخ طويل في النضال وان له يد بيضا على نظام الملالي وجمهوريتهم المسماة جزافا بالإسلامية‘ حيث كان لنضال الأحوازيين ضد الشاه الأثر البالغ في انتصار الثورة و وصول الملالي الى الحكم .
فمنذ احتلال الأحوازي في 20 نيسان 1925م ولغاية إسقاط نظام البهلوي في عام 179م كانت الأحواز قد شهدت ثمانية ثورات وانتفاضات شعبية ضد نظام البهلوي وقد تمكنت احد تلك الثورات التي اندلعت بمدينة الحويزة ‘عاصمة الدولة المشعشعية ‘ في عام 1928م بقيادة الشريف " محيي الدين الزيبق" من أقامت سلطة عربية سميت بـ " مملكة المشرق العربي " وقد استطاعت تلك المملكة العربية ان تعيش ستة أشهر قبل ان تسقط نتيجة الهجوم العسكري الشرس الذي شنه الجيش الإيراني مستخدما فيه الطياران الحربي والدبابات والأسلحة الثقيلة .
ولم تكن هذه أول و لا آخر انتفاضة جماهيرية تشهدها الأحواز بل أعقبتها ستة انتفاضات أخرى في عهد نظام البهلوي الأب والابن الذي ساهم الأحوازيون بإسقاطه .
فرغم سقوط النظام البهلوي ومجيء نظام أدعياء الإسلام من ملالي الطائفية ‘ إلا ان الظلم و الاضطهاد ضد الشعب الأحوازي لم يتوقف بل زاد شراسة وتعددت أساليبه وألوانه وبات هذا الظلم والاضطهاد يمارس تحت غطاء الدفاع عن فلسطين ودعم المقاومة العربية ضد الاحتلال الإسرائيلي !. ولعل ما جرى كشفه عام 2005م من وثائق ومخططات رسمية صادرة من قبل أعلى الهيئات القيادية في إيران وهي مكتب رئاسة الجمهورية والتي تهدف الى تهجير مئات الآلف من الأحوازيين وتوطين أعاجم محلهم في إطار سياسة التفريس المستمرة ‘قد أكدت مرة أخرى ان العقلية الإيرانية ‘ شاهنشاهية قومية كانت ام جمهورية دينية ‘ لا فرق بينها فيما يخص نظرتها للأحواز وشعبها العربي .
ولكن على الرغم مما لقيه الشعب الأحوازي من مرارة القهر و الاضطهاد العنصري والطائفي طوال السنون الأربعة والثمانون الماضية على يد الأنظمة الإيرانية المتعاقبة ‘ وعلى وجه الأخص ما تعرضت له الأحواز خلال العقود الثلاثة الأخيرة من قمع وحشي كانت حصيلته إعدام المئات وسجن الآلاف وتهجير أبناء عشرات المدن ومئات القرى ‘ فرغم كذلك استطاع الشعب الأحوازي ان يبقى شوكة في حلق الاغتصاب الايراني و استطاع بتضحياته الجسام أن يثبت لحكام إيران ومن والاهم وللعالم اجمع ‘ ان الأحواز عربية وستبقى كذلك حتى تتحرر من قيود الاغتصاب .
وما ضاع حق ورائه مطالب .
صباح الموسوي
كاتب احوازي
19/04/2009
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:24 pm من طرف الادارة
» رابط المدونة على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:20 pm من طرف الادارة
» مدونة عربي على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:19 pm من طرف الادارة
» تأملات
الإثنين أبريل 29, 2019 3:35 am من طرف عربي
» اخر نص ساعة
الإثنين أبريل 29, 2019 3:34 am من طرف عربي
» اختلاف
الإثنين أبريل 29, 2019 3:32 am من طرف عربي
» الاحتلال
الثلاثاء أكتوبر 10, 2017 2:21 am من طرف عربي
» رجال كبار
السبت أغسطس 12, 2017 7:58 pm من طرف عربي
» صراع الحكم في الغابة
السبت يونيو 24, 2017 8:08 am من طرف عربي
» طخ حكي
السبت مايو 20, 2017 4:45 am من طرف عربي