احيانا يكون الاطفال اكثر حكمة

الرمانة

في حكورة البيت تقف شجرة الرمان محادية للسور الذي يطل على الشارع, وهو موقع استراتيجي بالنسبة لأطفال الحي ومصدر قلق بالنسبة لي, يوماً كنت غافياً واذ بصوت قرع على الباب شديد افزعني لشدته ظننت ان هناك امراً جللاً فركضت نحو الباب فزعاً واذ به ابن الجيران "عمو في ولاد بيرموا حجار على شجرة الرمان وزقطت واحد منهم" خرجت فاذ بطفل في العاشرة من عمره تقريبا ملقى القبض عليه بتهمة الشروع في السرقة من قبل الطفل ابن جيراننا فسألته "شو بدك عمو؟" صمت الطفل فجاوبت نفسي على سؤالي وقلت له "بدك رمان"؟ فاجاب بنعم, قطفت حبة رمان واعطيتها اياه وحذرته "اوعى اشوفك بتتعربش عالسور هه " الى هنا يبدو ان الامر انتهى لكن "بكر" الذي القى القبض على الطفل متلبساً نظر الي مغتاظاً لان جهوده ذهبت هباءاً منثوراً. لست ادري لكن اتوقع انه كان ينتظر عندما اخبرني ان يرى الطفل ينضرب "شلوت" او كف, المهم عاد بكر وهو يشعر بالخيبة فلم يتحقق المشهد الذي اظن انه رسمه برأسه.
في يوم اخر وانا خارج من البيت وجدت اثار متبقية تدل على انه جرت هنا اعتداءات على شجرة الرمان, عصاة, يبدو انهم كانوا يستخدمونها لاسقاط الرمان, حجارة عدة احجام, بلوك يبدو انهم استخدموه ليضعوه تحت اقدامهم ليصلوا للثمار, فما كان مني الا ان اقمت بتنظيف المكان, وفي غير مرة وجدت غصون مكسورة من شجرة الرمان, خطرت ببالي فكرة ان اقتلع الشجرة وارتاح من الازعاج من ثم تراجعت عن ذلك وقلت لنفسي " ما بيصير اخلع شجرة مثمرة عمرها سنين" عندما شعر اطفال الحي انه لن يتم معاقبتهم اذا تم القاء القبض عليهم متلبسين صاروا لا يتورعون عن "التعربش" بل وصل الامر الى ما هو ابعد من ذلك, ان احد المتعربشين الذي زجرته حين رايته وهرب حاملاً بيده حبة رمان ويقول "عمو ليش حبة الرمان حامضة؟" فخرجت بدرس انه لا تنفع الشدة بعد اللين ولا بد للشدة ان تكون من البداية حتى تكون فاعلة. تذكرت بكر حينها وقلت "اخ بس لو اني سمعت منك يا بكر كان محد استرجى يقرب" اقبل مني الاعتذار يا بكر فرغم طفولتك الا اني اقر انك كنت حكيماً حين طرقت الباب . وكما قيل اهل مكة ادرى بشعابها اقول انا بكر ادرى بأطفال الحارة.