شيء من اللغة - الفاء والواو، وثم

الرأي - ابواب

د. كامل جميل ولويل - ليس هناك علاقة بين ثم وثم، لأن كلمة ثم حرف يفيد العطف تارة ويفيد الاستئناف أي البدء بكلام جديد تارة اخرى، واما ثم فهي اسم لأنها تدل على ظرف مكان، كأنك تقول هنا وهناك؛ ولذلك نعاملها في النحو كما نعامل الظروف المكانية، مثل: فوق، وتحت، وامام وخلف وغير ذلك.
واما الفاء والواو فلهما خصوصية في حروف العطف، الفاء تفيد التعقيب المباشر، أي الفعل الثاني قريب جدا من الفعل الاول، قال سبحانه ''الم تر ان الله انزل من السماء ماء فسلكه ينابيع من الارض'' وقال سبحانه ''اماته فأقبره'' فالفاء للأمور المتعاقبة، الماء نزل فدخل الارض، مات انسان فقبر، وهكذا، والواو للعطف ايضا، وهي اشهر حروف العطف قاطبة، انه كثير الاستعمال، ويفوق في كثرة استعماله جميع حروف العطف، لقد فتحت كتاب الله الآن عشوائيا فوجدت سورة الاحزاب وهي تضم في هذه الايات 70-73 ما ترى: اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله.. انا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين ان يحملنها وحملها الانسان... ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات.. '' ليس في هذه الآيات حرف عطف الا الواو، فهي ظاهرة جدا، ولكن اساتذتنا وشيوخنا في النحو يقولون: ان الواو لا تفيد الترتيب، ويضربون امثلة غير عميقة مثل: جاء علي ويوسف، ويقولون: هل جاءا معا، هل جاء علي قبل يوسف ام جاء يوسف قبل علي؟ كله لديهم جائز! لكن انظر لأمثلة القرآن الكريم فانك ستجد الترتيب قائما واكيدا، قال سبحانه ''آمنوا وعملوا الصالحات'' فالايمان اولا، وبعد ذلك العمل، والواو تفيد هذا الترتيب كأنها بين الفاء وثم، الفاء للسرعة ثم للتراخي، الواو متوسطة بينهما، الواو تفيد الترتيب حتما، قال سبحانه ''الذين يكنزون الذهب والفضة'' بدأ بكلمة (الذهب) لأنها الأهم، وهكذا في القرآن كله، لغتنا لغة دقيقة وحساسة، وتؤدي اغراضها ومعانيها بكل لطف وجمال وذوق.

شكرا اخي عربي على هذا الدرس المفيد
تقبل مروري