ولى زمن الكتابة سوف انتقم اليوم

اليوم تألمت مرتين وعشت القهر والحزن في اعمق حالاته, اصبت بالغربة والحزن العميقين حين شاهدت الاخبار, انفجارات متتالية واحصائيات الجرحى والشهداء ترتفع كل ساعة. صرخات هنا وهناك دموع ودماء غزيرة تملأ الشارع, استوقتني امرأة تقول "وين اهل الغيرة!! وينكم يا اهل الغيرة!!؟"
شعرت انها تناديني, وتمنيت ان اكون بقربها حتى امسح دموعها واخذ بيدها. الجرح الاخر الذي كان ينزف بقلبي في نفس الوقت هو ذلك الصمت الرهيب وعدم المبالاة من قبل المسلمين عامة والعرب خاصة, تابعت بعض القنوات العربية, بثت الخبر مدة لا تتجاوز عشرين ثانية, وكان ما يجري في العراق لا يجري في العراق, وكان ما يجري في العراق احداث من مسرحية تراجيدية, وكان الدم النازف على الارض الذي لا يزال رطبا, ليس الا دم من خيالات احد الكتاب اختاره نهاية لابطال روايته.
تأكلني حيرتي ولا استطيع ان افكر الا في ما حدث اليوم, افكر في هذا التغييب للاحداث التي تدور على ارض العراق الحبيب, وهذا التجاهل المخزي من قبل الشارع العربي, وتحديدا من قبل الشباب العربي, الشباب الذي عليه يقع حمل المسؤولية وعبء النهوض بالأمة, اراه اليوم عاجز حتى على ان يتفاعل ويتعاطف ويؤوازر ويدعم اخوته في العراق. ما الذي فعله العراق لكي يتم تجاهله هكذا؟
هناك جريمة كبرى وخيانة عظمى تجري هنا, هناك جريمة من ابشع الجرائم ومحاولة قذرة تسعى الى سلخ العراق عن محيطه العربي, وسلخ الشارع العربي عن ما يجري بالعراق. الصرخات تخرج وما من ملبي ولا حتى من مستمع! هل اصبح الامر بهذه البساطة هل اصبحت القلوب العربية والعقول العربية بهذه العفونة لدرجة شطب العراق من الخريطة العربية والاسلامية بكل هذه السهولة وبكل هذه السرعة؟!
لماذا تدور حوارات ونقاشات, وتبث برامج عن اخر صرعات الموضة . لماذا تعقد مهرجانات حافلة يرصد لها ما يرصد من موارد مالية وبشرية من اجل حفل غنائي او فلكلوري, ولا يعقد اي اجتماع يناقش الثأر للعراق؟!!
لماذا لا تعقد الاجتماعات حين تصرخ المرأة العراقية تطلب نخوة اخوتها العرب المسلمين؟؟!!
لماذا ولماذا والف لماذا ولماذا!!؟؟
لماذا ترصد لملايين لبرامج العهر والفسق وتبث الفضائيات هذه البرامج على مدار الساعة؟؟!! لماذا لا ترصد الاموال للبث من العراق بشكل يومي كي تصل معاناته الى كافة الاقطار وكافة الاحرار وكل من يملك ضمير حي, لماذا لا تكرس الخبرات لاشراك الضمير الاسلامي والعالمي وغمسه في القضية العراقية.
ولماذا تبذل الاموال كي ينسى العرب والمسلمين والعالم حتى ان هناك حرب تدور طحاها في العراق وقودها الشعب العراقي؟!
لماذا تدفع الملايين وترصد الامكانيات كي لا يتعاطف الشعب العربي والاسلامي والعالمي مع العراق وشعب العراق؟؟!!
لماذا يتم بخبث تمويه الرأي العربي والاسلامي والعالمي وحمله لأن يناصب العراق وشعب العراق العداء والبغضاء والكره لا الرحمة والمودة والتعاطف والمناصرة؟؟!!

لماذا لا يعرف العالم ان ابو حيدر مختفي من قبل سنتين وان زوجته تبحث عنه في كل مكان ولم تجده للان, لماذا لا يسألوا انفسهم اين هو ابو حيدر الان؟ لماذا يعذب حيدر وعمر في السجون الامريكية ويموت تحت التعذيب والاهانة ولا تسجل اي ردة فعل عربي بمستوى الحدث؟! ابو حيدر معتقل في احد السجون السرية, واخوته العرب لا يفعلون من اجل اخراجه اي شيء, بل انهم حتى لا يكلفون انفسهم امر التفكير به. ابو حيدر ليس مجرد فرد ابو حيدر هو الاف الاسرى في العراق. يهتز عرش بعض الزعماء ويتدخل في وساطات ويشغل جدول اعماله في البحث عن الافراج عن احد جنود الاحتلال. بينما نفس هذا الخسيس, اقصد الرئيس لا ترمش له عين ولا يبذل جهدا في السعي للافراج عن الشرفاء والاحرار في السجون السرية وغير السرية في العراق.
لماذا ينشغل العالم كله بقنبلتي ناجازاكي وهيروشيما منذ اكثر من خمسين عام ولا ينشغل بقنابل مثلها قتلت واحرقت وشوهت مئات الالاف في العراق؟؟!! سحقاً لهذا الضمير العالمي الذي لا يرى الظلم ولا يسعى لازلته.

لقد سمعتك يا خالة حين قلتي "اين انتم يا اهل الغيرة؟" ولقد سمعت من قبلك اللواتي قمن بمناداتي, ولقد حسبت اني افعل شيئاً واني سأقوم بشيء, لكن القلم وحده لا ينفع نعم لا يفع القلم وحده يا خالة. سأفعل ما هو اكثر من الكتابة, سابحر اكثر من مجرد نقل المعاناة. سأثأر لكِ ولغيركِ من الحرائر. ساثأر لعبير الجنابي , ولضحايا ابو غريب وغيره من السجون, لضحيا بلاك ووتر, وقبل هذا لضحايا الاحتلال بشكل رئيسي. سأنتقم من هذا الاحتلال الغاشم الفاسد الهمجي الحاقد على الحضارة. فانا ابن هذه الامة, انا ابن هذه الامة ولن تقر لي عين قبل ان اثأر وانتقم. فليعلم هذا المحتل ان كل مخططاته ووسائل اعلامه وحروبه النفسيه والعسكرية ووسائل ضغطه لن تؤثر في هذا القلب ولن تنسي هذا العقل ولن تغيبه او تتجاوزه. فانا عربي وعربي مسلم لا اقبل الضيم, انا الذي لم يقبل اجدادي قبل الاسلام ان يسمعوا النداء ويكتفوا بالصمت فكيف بعد ان جاء الاسلام يصمتون. كلا لن اصمت وما اني بصامت وبعد اليوم لن اكتب لن اكتفي بالكتابة قبل ان اشرع بالفعل.