الرأي
إياس نهاد الموسى - من أصعب التجارب التي يضطر الكثير منا إلى خوضها هي تجربة الجلوس والاستماع إلى محاضرة طبية من متحدث ( ممّل ) و تكمن مشكلة الاستماع إلى المتحدث الممّل في أن المشاعر الإنسانية تتطور أو تتدهور مع مرور وقت المحاضرة ، ففي بداية المحاضرة يكون الحضور متفائلا بأنهم سوف يتعلمون شيئا جديدا عن الموضوع الطبي ثم يفاجئون بان المتحدث يبدأ بصورة لا تدعو إلى التفاؤل كأن يكون صوته ذا نبرة منخفضة واحدة لاتتغير مما يدفع الدماغ إلى الاعتقاد أن وقت النوم قد حان ، أو أن يبدأ بمقدمة توحي أن الموضوع سيكون طويلاً و شاقاً و مكررا أو أن يكون غير قادر على إيجاد صلة أو رابطة تجعل المستمعين مهتمين بالاستماع له .
و المشكلة الأخرى هي أن شعور الإنسان انه مضطر للجلوس حتى انتهاء المحاضرة قد يولد شعورا معاديا للمحاضر لأنه السبب في الجلوس للاستماع . و ضياع الوقت في غير قيمة مضافة .
وما ينطبق على المحاضرات الطبية ينطبق على بقية المواضيع مما دعا إلى وجود علم التواصل و مهارات تقديم المعلومات ومهارات الخطابة ، فكلنا يتذكر الاستماع إلى خطاب لزعيم أو قائد أو حتى رجل عادي يلهب حماسة الناس و يجعلهم يشعرون بالفخر و العزة و التصميم و أيضاً يتذكر الاستماع إلى خطاب لأشخاص آخرين يجعلهم يشعرون بالعكس تماماً !
و كثير من الطلاب يحبون حضور محاضرات لأساتذة معينين دون غيرهم لأنهم يدركون منذ الدقائق الأولى للاستماع أن هذا الأستاذ لديه معلومات مفيدة و بنفس درجة الأهمية لديه القدرة على إيصال هذه المعلومات و إفهامها للمستمعين دون عناء أو عذاب أو ملل .
و أرى أن المدارس و الجامعات يجب أن تعمل على تطوير مهارات طلابها منذ الصغر في أسلوب الكلام الفصيح المعبر المختصر و أساليب التواصل و الاتصال و فنون إبقاء المستمع متنبها يقظاً راغباً في سماع المزيد ، وبعكس ذلك فان الكثير منا سوف يضطر إلى الجلوس ساعات طويلة في الظلام يصحو و ينام بانتظار الفرج وانتهاء محاضرات لا تتجاوز كونها» صف كلام و السلام «
ومن الطرق المفيدة لمنع نوم المستمعين إلى المحاضرات ما يلي :
- إبقاء ضوء الغرفة متوسطاً وليس ظلاماً دامساً .
- تغيير نبرة الصوت بين ارتفاع و انخفاض و سرعة وتمهل .
- الاختصار والقليل من التكرار و عدم الإطالة في الشرح لان العقل البشري يفقد كثيراً من التركيز بعد 20-30 دقيقة من الاستماع .
- اغناء الكلام ببعض الصور و الرسوم المعبرّة و قد تكون مسلية احياناً لكسر رتابة المحاضرة و استعادة انتباه الجمهور .
- كلما اختصرت في الكلام بشرط أن تختار ما تقول بدقة فان المستمعين يتذكرون ما قلته ، وكلما أطلت و أسهبت فان المستمعين يفقدون التركيز و ينسون كل ما قلته لهم ، والمثل القائل أن « خير الكلام ما قلّ ودل « صحيح تماماً لان البلاغة تكمن في الإيجاز .
هذه دعوة إلى كل من يتطلب عمله أو حياته إلقاء محاضرات أو خطابات أو دروس أن يتعلم هذا العلم الذي يجعل المستمع يصغي إلى ما تقوله لأنك قد تقول كلاما هاماً بمضمونه و لكنه لم يصغ أو يشكّل بالشكل اللائق لإيصاله إلى أذهان من يستمعون إليه فلا يصل إليهم و يضيع هباءً منثوراً .
كتبت هذه المقالة خلال استماعي إلى محاضرة طبية «ممّلة جدا»ً خارج الأردن في يوم 9/4/2010
استشاري أمراض القلب و الشرايين التداخلية
منقول
إياس نهاد الموسى - من أصعب التجارب التي يضطر الكثير منا إلى خوضها هي تجربة الجلوس والاستماع إلى محاضرة طبية من متحدث ( ممّل ) و تكمن مشكلة الاستماع إلى المتحدث الممّل في أن المشاعر الإنسانية تتطور أو تتدهور مع مرور وقت المحاضرة ، ففي بداية المحاضرة يكون الحضور متفائلا بأنهم سوف يتعلمون شيئا جديدا عن الموضوع الطبي ثم يفاجئون بان المتحدث يبدأ بصورة لا تدعو إلى التفاؤل كأن يكون صوته ذا نبرة منخفضة واحدة لاتتغير مما يدفع الدماغ إلى الاعتقاد أن وقت النوم قد حان ، أو أن يبدأ بمقدمة توحي أن الموضوع سيكون طويلاً و شاقاً و مكررا أو أن يكون غير قادر على إيجاد صلة أو رابطة تجعل المستمعين مهتمين بالاستماع له .
و المشكلة الأخرى هي أن شعور الإنسان انه مضطر للجلوس حتى انتهاء المحاضرة قد يولد شعورا معاديا للمحاضر لأنه السبب في الجلوس للاستماع . و ضياع الوقت في غير قيمة مضافة .
وما ينطبق على المحاضرات الطبية ينطبق على بقية المواضيع مما دعا إلى وجود علم التواصل و مهارات تقديم المعلومات ومهارات الخطابة ، فكلنا يتذكر الاستماع إلى خطاب لزعيم أو قائد أو حتى رجل عادي يلهب حماسة الناس و يجعلهم يشعرون بالفخر و العزة و التصميم و أيضاً يتذكر الاستماع إلى خطاب لأشخاص آخرين يجعلهم يشعرون بالعكس تماماً !
و كثير من الطلاب يحبون حضور محاضرات لأساتذة معينين دون غيرهم لأنهم يدركون منذ الدقائق الأولى للاستماع أن هذا الأستاذ لديه معلومات مفيدة و بنفس درجة الأهمية لديه القدرة على إيصال هذه المعلومات و إفهامها للمستمعين دون عناء أو عذاب أو ملل .
و أرى أن المدارس و الجامعات يجب أن تعمل على تطوير مهارات طلابها منذ الصغر في أسلوب الكلام الفصيح المعبر المختصر و أساليب التواصل و الاتصال و فنون إبقاء المستمع متنبها يقظاً راغباً في سماع المزيد ، وبعكس ذلك فان الكثير منا سوف يضطر إلى الجلوس ساعات طويلة في الظلام يصحو و ينام بانتظار الفرج وانتهاء محاضرات لا تتجاوز كونها» صف كلام و السلام «
ومن الطرق المفيدة لمنع نوم المستمعين إلى المحاضرات ما يلي :
- إبقاء ضوء الغرفة متوسطاً وليس ظلاماً دامساً .
- تغيير نبرة الصوت بين ارتفاع و انخفاض و سرعة وتمهل .
- الاختصار والقليل من التكرار و عدم الإطالة في الشرح لان العقل البشري يفقد كثيراً من التركيز بعد 20-30 دقيقة من الاستماع .
- اغناء الكلام ببعض الصور و الرسوم المعبرّة و قد تكون مسلية احياناً لكسر رتابة المحاضرة و استعادة انتباه الجمهور .
- كلما اختصرت في الكلام بشرط أن تختار ما تقول بدقة فان المستمعين يتذكرون ما قلته ، وكلما أطلت و أسهبت فان المستمعين يفقدون التركيز و ينسون كل ما قلته لهم ، والمثل القائل أن « خير الكلام ما قلّ ودل « صحيح تماماً لان البلاغة تكمن في الإيجاز .
هذه دعوة إلى كل من يتطلب عمله أو حياته إلقاء محاضرات أو خطابات أو دروس أن يتعلم هذا العلم الذي يجعل المستمع يصغي إلى ما تقوله لأنك قد تقول كلاما هاماً بمضمونه و لكنه لم يصغ أو يشكّل بالشكل اللائق لإيصاله إلى أذهان من يستمعون إليه فلا يصل إليهم و يضيع هباءً منثوراً .
كتبت هذه المقالة خلال استماعي إلى محاضرة طبية «ممّلة جدا»ً خارج الأردن في يوم 9/4/2010
استشاري أمراض القلب و الشرايين التداخلية
منقول
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:24 pm من طرف الادارة
» رابط المدونة على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:20 pm من طرف الادارة
» مدونة عربي على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:19 pm من طرف الادارة
» تأملات
الإثنين أبريل 29, 2019 3:35 am من طرف عربي
» اخر نص ساعة
الإثنين أبريل 29, 2019 3:34 am من طرف عربي
» اختلاف
الإثنين أبريل 29, 2019 3:32 am من طرف عربي
» الاحتلال
الثلاثاء أكتوبر 10, 2017 2:21 am من طرف عربي
» رجال كبار
السبت أغسطس 12, 2017 7:58 pm من طرف عربي
» صراع الحكم في الغابة
السبت يونيو 24, 2017 8:08 am من طرف عربي
» طخ حكي
السبت مايو 20, 2017 4:45 am من طرف عربي