طارق العبد
من كان يخطر بباله من السوريين أن مجازر مروعة قد قرأ عنها وشاهدها على الشاشات في دير ياسين وكفر قاسم وقانا وغيرها سيراها بأم العين أمامه؟ إنه السبت الأسود بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وربما اليوم الأكثر دموية منذ بداية الأزمة السورية تذوقت فيه داريا طعم الموت وبمرارة شديدة.
تلك البلدة الصغيرة قرب دمشق، التي جمعت مختلف الطوائف والأعراق، بتعايش تام واقترن اسمها لفترة طويلة بالعمل السلمي، ها هي اليوم تغرق في دماء أبنائها، بعد مجزرة تبدو البشاعة صفة قليلة عليها، في مقابل المشاهد القاسية التي يراها الزائر لبلدة برز فيها نشطاء سلميون رفعوا الورود في تظاهراتهم، وتوجهوا بها إلى حيث يتمركز الجيش النظامي.
وارتبط اسم داريا منذ ذلك الوقت، بكونها مدينة الورود. لكنها اليوم تتعمد بدم من سار في شوارعها وتعلم في مدارسها وعمل في حقولها. ربما تنتهي مفردات اللغة من دون أن يتوقف وصف داريا والمأساة التي حلت بها، وسط صمت مطبق من أبناء الشعب في الداخل، واستفزاز إعلامي في الخارج، تتبادل معه المعارضة والسلطة الاتهامات حول مسؤولية ما جرى بين اتهام واضح لمسلحي «الجيش الحر» بارتكاب المجزرة، وإصرار المعارضة على أن «الشبيحة» قاموا بذبح المواطنين. تبادل للاتهامات يتكرر مع كل مجزرة لا خاسر فيها سوى البلاد، التي تفقد يومياً مئات الضحايا، وشعب يدفع فاتورة الحسابات الإقليمية والدولية.
على طريق المتحلق الجنوبي الذي يحيط بالعاصمة تمتد بساتين واسعة من أحياء كفرسوسة فالمزة وداريا، تكاد تكون متصلة ببعضها البعض، وتقع خلفها أحياء عديدة يقيم بها عشرات الآلاف من الأهالي. في الصباح، لا وجود لمدنيين في الطرقات. الجيش النظامي والأمن يتمركز عند كل تقاطع طريق، ويتكرر في كل مرة طلب البطاقات الشخصية، والسؤال عن مكان القدوم، فيما يقرر جنود آخرون إعطاء الإذن بالمرور من دون التدقيق كثيراً في هويات المارة، حتى نصل لمدخل البلدة ولتبدو داريا من الداخل مدينة أشباح لا حركة فيها إلا في ما ندر.
انتشار عسكري واسع وعبارات كتبت على الجدران وواجهات المحال تحتفي بالجيش النظامي الذي اقتحم المدينة الصغيرة منذ أيام لتعقب المسلحين. في الداخل، لا يمكنك التجول مفرداً ولا بد من مرافقة ناشط من قلب المنطقة، خصوصاً مع القلق الذي يرافق الأهالي ويدفعهم للتوجس من الحديث لأي شخص غريب عن المنطقة.
في الشوارع والحارات الضيقة ثمة ما يثير الغثيان، رائحة الموت والجثث المحروقة تملأ المكان. ومع التقدم قليلاً، ستتحول الرائحة إلى مشاهد لا يمكن وصفها. عشرات الجثث مرمية في الأزقة ومداخل الأبنية، فيما الدماء لا تفارق الجدران والأرض وربما لامست السماء.
ثمة ناشطون من قلب المدينة يعملون على استخراج الجثث وتوثيق أسماء من تم التعرف إليهم قبل بدء إجراءات تشييعهم ودفنهم. فيما يستمر الجيش النظامي بالتمركز في المداخل والتجول في الشوارع من دون أي اشتباكات مسلحة. معظم أسلحتهم في وضع الجهوزية، إذ ما زال هناك «إرهابيون» يتم تعقبهم، وخلال أيام ستعلن داريا مدينة خالية من المسلحين، كما يقول جندي يقف في مدخل ساحة شريدي وسط البلدة.
أما الأهالي فيحاولون العودة لمنازلهم وبدء إصلاح ما خربته أيام الغضب العسكرية والاشتباكات بين الطرفين. «إنه اليوم الأعنف منذ بداية الثورة»، هكذا يبدأ محمد (48 سنة) حديثه المختصر. «فمنذ انطلاقة الاحتجاجات الشعبية لم تتوقف داريا عن التظاهر واعتدنا بشكل شبه يومي على اقتحام القوات النظامية البلدة وتمشيطها، ثم يخرجون منها. ومع ذلك، فقد كانت الحياة طبيعية. ولم نعرف يوماً أي مشاكل طائفية بالرغم من الخليط المذهبي الذي يسكن داريا وجوارها في بلدات المعضمية وصحنايا».
ويضيف الرجل: «لطالما خرجنا في تظاهرات تدعم العمل السلمي وتنادي بالحرية، وبرز من داريا نشطاء كثر مثل غياث مطر الذي حمل الورود إلى الجيش النظامي قبل ان يقتل، وكذلك يحيى شربجي المعتقل حالياً. كل هذا لم يبدل من حال المدينة وظللنا نمارس حياتنا بهدوء، ولكن الأيام الأربعة الماضية كانت الأكثر دموية». ويتابع الرجل قائلا: «أغلقت مختلف الطرقات بعد أول أيام عيد الفطر. ومعها انقطعت الاتصالات وفي الليل بدأت اشتباكات عنيفة بين الجيش النظامي والجيش الحر، حيث لم تتوقف القذائف طيلة الأيام التالية مما دفعني وأسرتي للمغادرة باتجاه العاصمة دمشق. ولكن اغلب الطرق كانت مغلقة فاضطررنا للخروج عبر البساتين وكثيراً ما صادفنا جنوداً بعضهم سمح بمرورنا وآخرون أوقفونا».
في المقابل، يشير عدنان (39 سنة ) إلى مغادرة العديد من أبناء داريا، فيما علق آخرون في حضرة المعارك التي لم تهدأ حتى يوم الجمعة. «حيث استخدم الجيش النظامي الطائرات وقذائف الهاون والصواريخ من دون أن يتمكن من اقتحام البلدة، إلى اليوم التالي حيث انسحبت مختلف كتائب «الجيش الحر»، ودخل الجيش النظامي، فيما هربنا إلى الملاجئ، على قلتها، أو إلى بيوت أخرى قبل أن نكتشف في الليل فظاعة المجزرة التي وقعت وأزهقت أرواح ما يزيد على ثلاثمئة شخص من المدنيين».
أما يحيى (24 سنة ) فيتحدث بغضب وانفعال مترافق بحزن شديد، عن هول المصيبة، فيتذكر عشرات تم ذبحهم بالسكاكين بعد تقييدهم، وآخرين تم إعدامهم ميدانياً، فيما تمت سرقة بيوت أخرى وقتل من فيها. ويروي الشاب بعصبية مفرطة كيف تظاهر أطفال بالموت كي لا تصيبهم سكاكين الذبح أو رصاص سيلحقهم بذويهم، فيما استهدف الرصاص سيارات ضمت عائلات حاولت الفرار بشتى السبل. ولدى سؤاله عن هوية الفاعل، يرفض الإجابة ويغادر مسرعاً.
ورفض تحديد المسؤولية يتكرر بالنسبة للعديد من الأهالي، ليشير احدهم أن لا جدوى من تحديد الفاعل بعد فوات الأوان، «فما النفع بعد أن سقط مئات الضحايا وفارقوا أسرهم وحياتهم، فمن قام بالقتل لم يقم بذلك إلا بدافع الحقد والرغبة بالتلذذ بمشاهد الموت وليكتفي الرجل الخمسيني بعبارة «الله يفرجها».
ولتصب فتاة أخرى في المقابل جام غضبها على الصمت المطبق الذي رافق المجزرة، فتقول لينا (33 سنة) «رأيت بأم العين كيف تم قتل العشرات بدم بارد، ولا استطيع نسيان مشاهد الجثث في الشوارع من دون أن يتمكن احد من سحبها بسبب الرصاص، بينما نجحتُ مع أولادي بالمغادرة بشق الأنفس لأصل دمشق وكأن شيئاً لم يكن. وبينما كان شبابنا يتعرضون للقتل، كان الدمشقيون في واد آخر لا علاقة لهم بكل ما يجري، وحتى من تحدثت إليهم معتقدة أنهم لا يعلمون ما حصل تفاجأت بمعرفتهم لكل هذا من دون أي تأثر أو أي ردة فعل». وهو ما يفسره مرافقنا الديراني بأن جنون المجازر منذ سنة ونصف السنة تقريباً ربما أصاب الناس بتماوت الأحاسيس حتى لم تعد مشاهد القتل اليومية تثير أي شيء في تفكير الشعب بل أصبحت مشاهد عادية تمر وكأنها تحصيل حاصل، فيما يعلق آخر بمرارة قائلاً «ربما ستبدأ نشرات الأخبار قريباً بذكر أعداد المجازر بدل أعداد الضحايا».
assafir
من كان يخطر بباله من السوريين أن مجازر مروعة قد قرأ عنها وشاهدها على الشاشات في دير ياسين وكفر قاسم وقانا وغيرها سيراها بأم العين أمامه؟ إنه السبت الأسود بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وربما اليوم الأكثر دموية منذ بداية الأزمة السورية تذوقت فيه داريا طعم الموت وبمرارة شديدة.
تلك البلدة الصغيرة قرب دمشق، التي جمعت مختلف الطوائف والأعراق، بتعايش تام واقترن اسمها لفترة طويلة بالعمل السلمي، ها هي اليوم تغرق في دماء أبنائها، بعد مجزرة تبدو البشاعة صفة قليلة عليها، في مقابل المشاهد القاسية التي يراها الزائر لبلدة برز فيها نشطاء سلميون رفعوا الورود في تظاهراتهم، وتوجهوا بها إلى حيث يتمركز الجيش النظامي.
وارتبط اسم داريا منذ ذلك الوقت، بكونها مدينة الورود. لكنها اليوم تتعمد بدم من سار في شوارعها وتعلم في مدارسها وعمل في حقولها. ربما تنتهي مفردات اللغة من دون أن يتوقف وصف داريا والمأساة التي حلت بها، وسط صمت مطبق من أبناء الشعب في الداخل، واستفزاز إعلامي في الخارج، تتبادل معه المعارضة والسلطة الاتهامات حول مسؤولية ما جرى بين اتهام واضح لمسلحي «الجيش الحر» بارتكاب المجزرة، وإصرار المعارضة على أن «الشبيحة» قاموا بذبح المواطنين. تبادل للاتهامات يتكرر مع كل مجزرة لا خاسر فيها سوى البلاد، التي تفقد يومياً مئات الضحايا، وشعب يدفع فاتورة الحسابات الإقليمية والدولية.
على طريق المتحلق الجنوبي الذي يحيط بالعاصمة تمتد بساتين واسعة من أحياء كفرسوسة فالمزة وداريا، تكاد تكون متصلة ببعضها البعض، وتقع خلفها أحياء عديدة يقيم بها عشرات الآلاف من الأهالي. في الصباح، لا وجود لمدنيين في الطرقات. الجيش النظامي والأمن يتمركز عند كل تقاطع طريق، ويتكرر في كل مرة طلب البطاقات الشخصية، والسؤال عن مكان القدوم، فيما يقرر جنود آخرون إعطاء الإذن بالمرور من دون التدقيق كثيراً في هويات المارة، حتى نصل لمدخل البلدة ولتبدو داريا من الداخل مدينة أشباح لا حركة فيها إلا في ما ندر.
انتشار عسكري واسع وعبارات كتبت على الجدران وواجهات المحال تحتفي بالجيش النظامي الذي اقتحم المدينة الصغيرة منذ أيام لتعقب المسلحين. في الداخل، لا يمكنك التجول مفرداً ولا بد من مرافقة ناشط من قلب المنطقة، خصوصاً مع القلق الذي يرافق الأهالي ويدفعهم للتوجس من الحديث لأي شخص غريب عن المنطقة.
في الشوارع والحارات الضيقة ثمة ما يثير الغثيان، رائحة الموت والجثث المحروقة تملأ المكان. ومع التقدم قليلاً، ستتحول الرائحة إلى مشاهد لا يمكن وصفها. عشرات الجثث مرمية في الأزقة ومداخل الأبنية، فيما الدماء لا تفارق الجدران والأرض وربما لامست السماء.
ثمة ناشطون من قلب المدينة يعملون على استخراج الجثث وتوثيق أسماء من تم التعرف إليهم قبل بدء إجراءات تشييعهم ودفنهم. فيما يستمر الجيش النظامي بالتمركز في المداخل والتجول في الشوارع من دون أي اشتباكات مسلحة. معظم أسلحتهم في وضع الجهوزية، إذ ما زال هناك «إرهابيون» يتم تعقبهم، وخلال أيام ستعلن داريا مدينة خالية من المسلحين، كما يقول جندي يقف في مدخل ساحة شريدي وسط البلدة.
أما الأهالي فيحاولون العودة لمنازلهم وبدء إصلاح ما خربته أيام الغضب العسكرية والاشتباكات بين الطرفين. «إنه اليوم الأعنف منذ بداية الثورة»، هكذا يبدأ محمد (48 سنة) حديثه المختصر. «فمنذ انطلاقة الاحتجاجات الشعبية لم تتوقف داريا عن التظاهر واعتدنا بشكل شبه يومي على اقتحام القوات النظامية البلدة وتمشيطها، ثم يخرجون منها. ومع ذلك، فقد كانت الحياة طبيعية. ولم نعرف يوماً أي مشاكل طائفية بالرغم من الخليط المذهبي الذي يسكن داريا وجوارها في بلدات المعضمية وصحنايا».
ويضيف الرجل: «لطالما خرجنا في تظاهرات تدعم العمل السلمي وتنادي بالحرية، وبرز من داريا نشطاء كثر مثل غياث مطر الذي حمل الورود إلى الجيش النظامي قبل ان يقتل، وكذلك يحيى شربجي المعتقل حالياً. كل هذا لم يبدل من حال المدينة وظللنا نمارس حياتنا بهدوء، ولكن الأيام الأربعة الماضية كانت الأكثر دموية». ويتابع الرجل قائلا: «أغلقت مختلف الطرقات بعد أول أيام عيد الفطر. ومعها انقطعت الاتصالات وفي الليل بدأت اشتباكات عنيفة بين الجيش النظامي والجيش الحر، حيث لم تتوقف القذائف طيلة الأيام التالية مما دفعني وأسرتي للمغادرة باتجاه العاصمة دمشق. ولكن اغلب الطرق كانت مغلقة فاضطررنا للخروج عبر البساتين وكثيراً ما صادفنا جنوداً بعضهم سمح بمرورنا وآخرون أوقفونا».
في المقابل، يشير عدنان (39 سنة ) إلى مغادرة العديد من أبناء داريا، فيما علق آخرون في حضرة المعارك التي لم تهدأ حتى يوم الجمعة. «حيث استخدم الجيش النظامي الطائرات وقذائف الهاون والصواريخ من دون أن يتمكن من اقتحام البلدة، إلى اليوم التالي حيث انسحبت مختلف كتائب «الجيش الحر»، ودخل الجيش النظامي، فيما هربنا إلى الملاجئ، على قلتها، أو إلى بيوت أخرى قبل أن نكتشف في الليل فظاعة المجزرة التي وقعت وأزهقت أرواح ما يزيد على ثلاثمئة شخص من المدنيين».
أما يحيى (24 سنة ) فيتحدث بغضب وانفعال مترافق بحزن شديد، عن هول المصيبة، فيتذكر عشرات تم ذبحهم بالسكاكين بعد تقييدهم، وآخرين تم إعدامهم ميدانياً، فيما تمت سرقة بيوت أخرى وقتل من فيها. ويروي الشاب بعصبية مفرطة كيف تظاهر أطفال بالموت كي لا تصيبهم سكاكين الذبح أو رصاص سيلحقهم بذويهم، فيما استهدف الرصاص سيارات ضمت عائلات حاولت الفرار بشتى السبل. ولدى سؤاله عن هوية الفاعل، يرفض الإجابة ويغادر مسرعاً.
ورفض تحديد المسؤولية يتكرر بالنسبة للعديد من الأهالي، ليشير احدهم أن لا جدوى من تحديد الفاعل بعد فوات الأوان، «فما النفع بعد أن سقط مئات الضحايا وفارقوا أسرهم وحياتهم، فمن قام بالقتل لم يقم بذلك إلا بدافع الحقد والرغبة بالتلذذ بمشاهد الموت وليكتفي الرجل الخمسيني بعبارة «الله يفرجها».
ولتصب فتاة أخرى في المقابل جام غضبها على الصمت المطبق الذي رافق المجزرة، فتقول لينا (33 سنة) «رأيت بأم العين كيف تم قتل العشرات بدم بارد، ولا استطيع نسيان مشاهد الجثث في الشوارع من دون أن يتمكن احد من سحبها بسبب الرصاص، بينما نجحتُ مع أولادي بالمغادرة بشق الأنفس لأصل دمشق وكأن شيئاً لم يكن. وبينما كان شبابنا يتعرضون للقتل، كان الدمشقيون في واد آخر لا علاقة لهم بكل ما يجري، وحتى من تحدثت إليهم معتقدة أنهم لا يعلمون ما حصل تفاجأت بمعرفتهم لكل هذا من دون أي تأثر أو أي ردة فعل». وهو ما يفسره مرافقنا الديراني بأن جنون المجازر منذ سنة ونصف السنة تقريباً ربما أصاب الناس بتماوت الأحاسيس حتى لم تعد مشاهد القتل اليومية تثير أي شيء في تفكير الشعب بل أصبحت مشاهد عادية تمر وكأنها تحصيل حاصل، فيما يعلق آخر بمرارة قائلاً «ربما ستبدأ نشرات الأخبار قريباً بذكر أعداد المجازر بدل أعداد الضحايا».
assafir
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:24 pm من طرف الادارة
» رابط المدونة على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:20 pm من طرف الادارة
» مدونة عربي على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:19 pm من طرف الادارة
» تأملات
الإثنين أبريل 29, 2019 3:35 am من طرف عربي
» اخر نص ساعة
الإثنين أبريل 29, 2019 3:34 am من طرف عربي
» اختلاف
الإثنين أبريل 29, 2019 3:32 am من طرف عربي
» الاحتلال
الثلاثاء أكتوبر 10, 2017 2:21 am من طرف عربي
» رجال كبار
السبت أغسطس 12, 2017 7:58 pm من طرف عربي
» صراع الحكم في الغابة
السبت يونيو 24, 2017 8:08 am من طرف عربي
» طخ حكي
السبت مايو 20, 2017 4:45 am من طرف عربي