طارق سعيد
من جديد عاد قضاة مصر ليثبتوا أنهم الدرع الواقية أمام أي تغوّل للسلطة التنفيذية، أو أي جور على القانون. قضاة مصر الذين وقفوا ضد الديكتاتور مبارك وعصابته الحاكمة يعاودون الكرة مرة أخرى في وجه الطغمة الحاكمة الجديدة بقياده الرئيس محمد مرسي وجماعة «الإخوان المسلمين» وذراعها السياسية «حزب الحرية والعدالة».
ثلاث معارك ضخمة خاضها القضاة على مدار اليومين الماضيين، وحققوا فيها نصرا مؤزرا لا للجسم القضائي فحسب، وإنما للشارع السياسي الذي علق عليهم آمالا كبيرة، ولم يخب ظنه، كما يؤكد المراقبون السياسيون.
أولى هذه المعارك وأكثرها حسما كانت معركة إقالة النائب العام المستشار طلعت عبد الله، المحسوب على «الإخوان»، والذي فاجأ الرئيس محمد مرسي الأوساط القضائية بتعيينه في تشرين الثاني الماضي.
وجاء تعيين عبد الله في سياق إعلان دستوري عصف فيه مرسي باستقلال القضاء المصري، وحصن فيه قراراته بشكل غير مسبوق في تاريخ الحياة السياسية المصرية، حمى من خلاله مجلس الشورى والجمعية التأسيسية من الحكم بإلغائهما.
كانت تلك الشرارة التي أشعلت المواجهة بين السلطة القضائية ومؤسسة الرئاسة، ثم جاء قرار النائب العام بنقل المستشار مصطفى خاطر المحامي العام لنيابات شرق بعدما رفض الرضوخ لإملاءات النائب العام، وبرأ ساحة المعتصمين أمام قصر الاتحادية، متحدياً الضغوط التي مارستها مؤسسة الرئاسة.
قرار نقل خاطر جاء بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ قرر وكلاء النائب العام تنظيم وقفة احتجاجية تضامنا مع زميلهم المنقول ظلما، ووجهوا بعدها إنذاراً للنائب العام بالاستقالة خلال 48 ساعة، وهو ما حدث بعدما حاصر ما يقرب من 1500 قاض من شباب النيابة العامة مكتب النائب العام.
الأوساط السياسية رحبت بانتصار القضاة في معركتهم، ورأوا في ذلك بشارة للنصر على النظام.
وقال زعيم «التيار الشعبي» حمدين صباحي إن مقاطعة قضاة مجلس الدولة للإشراف على المرحلة الثانية من الاستفتاء واستقالة النائب العام، انتصاران جديدان لاستقلال القضاء المصري. وتابع صباحي: «أوقفوا الاستفتاء الباطل فوراً».
أما رئيس «حزب الدستور» محمد البرادعي فوجه التحية إلى أعضاء النيابة العامة على موقفهم. وكتب البرادعي في تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «كل التقدير لأعضاء النيابة العامة في موقفهم الصلب مع الشرعية واستقلال القضاء»، مضيفا «يظل الحق فوق القوة».
في المقابل، حاول وزير العدل المستشار أحمد مكي، وهو أحد أبرز رموز تيار استقلال القضاء في عهد الرئيس حسني مبارك، التخفيف من أثر الهزيمة، بقوله إن النائب العام كان يعتزم تقديم استقالته بعد انتهاء الاستفتاء على الدستور.
المعركة الثانية التي يواصل القضاة تحقيق الانتصارات فيها هي معركة الإشراف القضائي على الدستور، فقد أعلن قضاة مجلس الدولة انسحابهم من الإشراف على الجولة الثانية من الاستفتاء على الدستور. وقال رئيس نادي قضاة مجلس الدولة المستشار حمدي ياسين إن «الدولة لم تنفذ أيا من مطالبنا المتمثلة في تحقيق المصالحة العامة، ووقف الاقتتال الداخلي، وتأمين حياة القضاة، وفك الحصار عن المحكمة الدستورية العليا».
أما المعركة الثالثة التي يواصل القضاة صمودهم فيها فهي معركة المحكمة الدستورية العليا التي أصدرت بيانا شديد اللهجة هاجمت فيه موقف مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية عصام الحداد، الذي هاجم فيه المحكمة الدستورية واتهمها بالموالاة للنظام السابق، وإصدار أحكام مريبة، مدللا على ذلك بحل مجلس الشعب والنية لحل الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى.
ورداً على البيان الذي كتب بالانكليزية، ووجه إلى الإعلام الغربي، قال نائب رئيس المحكمة الدستورية والمتحدث باسمها المستشار ماهر سامي إن الجمعية العامة للمحكمة، وقد راعها أن تصدر مؤسسة الرئاسة بياناً بهذا المحتوى من الافتراءات والمغالطات، فإنها تضع قيد نظر الشعب المصري عدداً من الحقائق.
وأوضح سامي أن المحكمة تتساءل: لماذا اختار مساعد الرئيس بعدما كشف جريمة تآمر المحكمة الدستورية لحل الجمعية التأسيسية، أن يتوجه ببلاغه إلى الإعلام الأجنبي، بدلاً من أجهزة التحقيق المختصة. وأضاف «ما قصده (الحداد) في مخاطبة هذا الإعلام بشأن أمر يتصل بصميم الشأن الداخلي للوطن، ويتعلق بسلطة من سلطات الدولة الثلاث وهي القضاء، ويخص إحدى مؤسساته السيادية الوطنية الرفيعة وهي المحكمة الدستورية العليا، ويثير الريب والشكوك في أحكامها... يستهدف تقويض سمعة هذه المحكمة دولياً، والتشهير بها وفضحها عالمياً بعد كيل الاتهامات لها من دون أن يقدم دليلاً واحداً على صحة ادعاءاته ومزاعمه، وبذلك يكون قد انطبق عليه ـ في مفردات قانون العقوبات ـ وصف أنه أذاع عمداً في الخارج أخباراً وبيانات وشائعات كاذبة ومغرضة تضعف الثقة بهيبة الدولة واعتبارها، وتضر بالمصالح القومية للبلاد، وهو فعل جنائي يندرج ضمن الجرائم المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج».
بدوره قال عضو المحكمة الدستورية المستشار حاتم بجاتو إن ما ذكره عصام الحداد بشأن تورط المحكمة في مؤامرات ضد الرئاسة ومؤسسات الشعب غير حقيقي ومحض افتراءات وليس عليه أي دليل.
وأضاف بجاتو: يتعين على الرئاسة تقديم أدلة تفيد بتورط المحكمة على حد قولها لجهات التحقيق إذا ثبت ذلك، وأن المحكمة لن تسكت على استمرار الإهانات ضدها، وسيكون رد فعلها عنيفا، مضيفا: سنطالب مساعد الرئيس بالاعتذار إذا لم يقدم دليله، وهو ما دفع المتحدث الرئاسي ياسر على إلى القول إن «الرئاسة ستنظر في الأمر».
Assafir
من جديد عاد قضاة مصر ليثبتوا أنهم الدرع الواقية أمام أي تغوّل للسلطة التنفيذية، أو أي جور على القانون. قضاة مصر الذين وقفوا ضد الديكتاتور مبارك وعصابته الحاكمة يعاودون الكرة مرة أخرى في وجه الطغمة الحاكمة الجديدة بقياده الرئيس محمد مرسي وجماعة «الإخوان المسلمين» وذراعها السياسية «حزب الحرية والعدالة».
ثلاث معارك ضخمة خاضها القضاة على مدار اليومين الماضيين، وحققوا فيها نصرا مؤزرا لا للجسم القضائي فحسب، وإنما للشارع السياسي الذي علق عليهم آمالا كبيرة، ولم يخب ظنه، كما يؤكد المراقبون السياسيون.
أولى هذه المعارك وأكثرها حسما كانت معركة إقالة النائب العام المستشار طلعت عبد الله، المحسوب على «الإخوان»، والذي فاجأ الرئيس محمد مرسي الأوساط القضائية بتعيينه في تشرين الثاني الماضي.
وجاء تعيين عبد الله في سياق إعلان دستوري عصف فيه مرسي باستقلال القضاء المصري، وحصن فيه قراراته بشكل غير مسبوق في تاريخ الحياة السياسية المصرية، حمى من خلاله مجلس الشورى والجمعية التأسيسية من الحكم بإلغائهما.
كانت تلك الشرارة التي أشعلت المواجهة بين السلطة القضائية ومؤسسة الرئاسة، ثم جاء قرار النائب العام بنقل المستشار مصطفى خاطر المحامي العام لنيابات شرق بعدما رفض الرضوخ لإملاءات النائب العام، وبرأ ساحة المعتصمين أمام قصر الاتحادية، متحدياً الضغوط التي مارستها مؤسسة الرئاسة.
قرار نقل خاطر جاء بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ قرر وكلاء النائب العام تنظيم وقفة احتجاجية تضامنا مع زميلهم المنقول ظلما، ووجهوا بعدها إنذاراً للنائب العام بالاستقالة خلال 48 ساعة، وهو ما حدث بعدما حاصر ما يقرب من 1500 قاض من شباب النيابة العامة مكتب النائب العام.
الأوساط السياسية رحبت بانتصار القضاة في معركتهم، ورأوا في ذلك بشارة للنصر على النظام.
وقال زعيم «التيار الشعبي» حمدين صباحي إن مقاطعة قضاة مجلس الدولة للإشراف على المرحلة الثانية من الاستفتاء واستقالة النائب العام، انتصاران جديدان لاستقلال القضاء المصري. وتابع صباحي: «أوقفوا الاستفتاء الباطل فوراً».
أما رئيس «حزب الدستور» محمد البرادعي فوجه التحية إلى أعضاء النيابة العامة على موقفهم. وكتب البرادعي في تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «كل التقدير لأعضاء النيابة العامة في موقفهم الصلب مع الشرعية واستقلال القضاء»، مضيفا «يظل الحق فوق القوة».
في المقابل، حاول وزير العدل المستشار أحمد مكي، وهو أحد أبرز رموز تيار استقلال القضاء في عهد الرئيس حسني مبارك، التخفيف من أثر الهزيمة، بقوله إن النائب العام كان يعتزم تقديم استقالته بعد انتهاء الاستفتاء على الدستور.
المعركة الثانية التي يواصل القضاة تحقيق الانتصارات فيها هي معركة الإشراف القضائي على الدستور، فقد أعلن قضاة مجلس الدولة انسحابهم من الإشراف على الجولة الثانية من الاستفتاء على الدستور. وقال رئيس نادي قضاة مجلس الدولة المستشار حمدي ياسين إن «الدولة لم تنفذ أيا من مطالبنا المتمثلة في تحقيق المصالحة العامة، ووقف الاقتتال الداخلي، وتأمين حياة القضاة، وفك الحصار عن المحكمة الدستورية العليا».
أما المعركة الثالثة التي يواصل القضاة صمودهم فيها فهي معركة المحكمة الدستورية العليا التي أصدرت بيانا شديد اللهجة هاجمت فيه موقف مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية عصام الحداد، الذي هاجم فيه المحكمة الدستورية واتهمها بالموالاة للنظام السابق، وإصدار أحكام مريبة، مدللا على ذلك بحل مجلس الشعب والنية لحل الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى.
ورداً على البيان الذي كتب بالانكليزية، ووجه إلى الإعلام الغربي، قال نائب رئيس المحكمة الدستورية والمتحدث باسمها المستشار ماهر سامي إن الجمعية العامة للمحكمة، وقد راعها أن تصدر مؤسسة الرئاسة بياناً بهذا المحتوى من الافتراءات والمغالطات، فإنها تضع قيد نظر الشعب المصري عدداً من الحقائق.
وأوضح سامي أن المحكمة تتساءل: لماذا اختار مساعد الرئيس بعدما كشف جريمة تآمر المحكمة الدستورية لحل الجمعية التأسيسية، أن يتوجه ببلاغه إلى الإعلام الأجنبي، بدلاً من أجهزة التحقيق المختصة. وأضاف «ما قصده (الحداد) في مخاطبة هذا الإعلام بشأن أمر يتصل بصميم الشأن الداخلي للوطن، ويتعلق بسلطة من سلطات الدولة الثلاث وهي القضاء، ويخص إحدى مؤسساته السيادية الوطنية الرفيعة وهي المحكمة الدستورية العليا، ويثير الريب والشكوك في أحكامها... يستهدف تقويض سمعة هذه المحكمة دولياً، والتشهير بها وفضحها عالمياً بعد كيل الاتهامات لها من دون أن يقدم دليلاً واحداً على صحة ادعاءاته ومزاعمه، وبذلك يكون قد انطبق عليه ـ في مفردات قانون العقوبات ـ وصف أنه أذاع عمداً في الخارج أخباراً وبيانات وشائعات كاذبة ومغرضة تضعف الثقة بهيبة الدولة واعتبارها، وتضر بالمصالح القومية للبلاد، وهو فعل جنائي يندرج ضمن الجرائم المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج».
بدوره قال عضو المحكمة الدستورية المستشار حاتم بجاتو إن ما ذكره عصام الحداد بشأن تورط المحكمة في مؤامرات ضد الرئاسة ومؤسسات الشعب غير حقيقي ومحض افتراءات وليس عليه أي دليل.
وأضاف بجاتو: يتعين على الرئاسة تقديم أدلة تفيد بتورط المحكمة على حد قولها لجهات التحقيق إذا ثبت ذلك، وأن المحكمة لن تسكت على استمرار الإهانات ضدها، وسيكون رد فعلها عنيفا، مضيفا: سنطالب مساعد الرئيس بالاعتذار إذا لم يقدم دليله، وهو ما دفع المتحدث الرئاسي ياسر على إلى القول إن «الرئاسة ستنظر في الأمر».
Assafir
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:24 pm من طرف الادارة
» رابط المدونة على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:20 pm من طرف الادارة
» مدونة عربي على الفيسبوك
الأحد سبتمبر 01, 2024 2:19 pm من طرف الادارة
» تأملات
الإثنين أبريل 29, 2019 3:35 am من طرف عربي
» اخر نص ساعة
الإثنين أبريل 29, 2019 3:34 am من طرف عربي
» اختلاف
الإثنين أبريل 29, 2019 3:32 am من طرف عربي
» الاحتلال
الثلاثاء أكتوبر 10, 2017 2:21 am من طرف عربي
» رجال كبار
السبت أغسطس 12, 2017 7:58 pm من طرف عربي
» صراع الحكم في الغابة
السبت يونيو 24, 2017 8:08 am من طرف عربي
» طخ حكي
السبت مايو 20, 2017 4:45 am من طرف عربي